كاد يحصل اصطدام بين سيارتين، آتيتين من اتجاهين مختلفين، كما الزاوية 90، فكلّ واحدة لا يرى سائقها السيارة الأخرى. لكنّ السائقين لم يرضيا بالذهاب كلّ في سبيله من دون إثبات حقّه، وللغرابة أو ربما للثقافة المشتركة، نطق الاثنان بالكلام نفسه: "هذا الطريق الرئيس، وأنت من خرجت من المفترق".
لو أنّ الحادث وقع لجاء خبير، وخمّن الطريق الرئيس من المفترق، أو الأصل من الفرع، لكنّ الأمر بقي عند هذا الحدّ بعدما أدلى كلّ منهما بما يودّ قوله، معتبراً نفسه الحق، ومن دون اقتناع بوجهة نظر الآخر المعاكسة والمماثلة في الوقت عينه.
فأين الأصل وأين الفرع؟ هي ليست مسألة فلسفية، بل يمكن الرجوع إلى تاريخ شقّ كلّ من هذين الطريقين، لمعرفة أيّهما تفرع من الآخر... لكن، ماذا لو كانا قد شقّا في المشروع نفسه؟ هل يكون أحدهما أصلاً والآخر فرعاً؟
ربما عند هذه النقطة يفترض أن ننظر إلى مدى استخدام السيارات والمشاة لهما، وقدرة استيعابهما اليومية للسيارات وللمشاة، فنعتبر الأكثر استخداماً هو الأصل والأقل استخداماً هو الفرع. لكن، ماذا لو عدنا إلى النقطة الأولى واكتشفنا تاريخياً أنّ الأقلّ استخداماً هو الذي بني أولاً بالفعل، وتفرع منه لاحقاً الأكثر استخداماً، لكن لظروف مختلفة لوجستية وبشرية وجغرافية بات الأكثر استخداماً؟ كذلك، ماذا لو كان الطريق الأقل استخداماً، من دون أن نعرف تاريخ إنشاء كلّ من الاثنين، هو الطريق النوعي، الذي لا إقبال يومياً كبيراً عليه، لكن، في الوقت عينه، لا غنى عنه، كأن يكون الطريق الوحيد المؤدي من هذه المنطقة إلى خارجها مثلاً، أو الطريق المؤدي إلى المطار أو المرفأ؟ عندها سترتفع حظوظه ويكون بمثابة الأصل أو حتى الفرع الذي يضاهي الأصل ربما. ولعلّ ما اعتبرناه فرعاً تبعاً لكلّ الشروط السابقة هو الشارع الذي يستقبل الاحتفالات العامة في الحيّ من أفراح ومآتم ومناسبات سياسية واجتماعية حتى يكون هو نفسه زينة المنطقة ككلّ، أفلا يكون هو الأصل حينها؟ وربما أيضاً هو الذي يضم المدرسة الوحيدة هناك، أو المشروع السكني الأكبر أو حتى المركز التجاري الأهم، ولكلّ هذا اعتباراته أيضاً.
اقــرأ أيضاً
هي إشكاليات عديدة تتبعها فرضيات كثيرة وربما لا ينتهي تعداد احتمالاتها؛ ما بين تاريخ واقتصاد واجتماع وثقافة وتربية. لكنّ مشكلة جميع هذه الاحتمالات هي التشبث واعتبار الحياة بأكملها على طرفي نقيض لا ثالث لهما، مع أنّنا جميعاً نعرف عن خبرة اجتماعية طويلة، أنّ النقيضين وإن تشتتا كلّ في اتجاه يبقيان مرتبطين في نقطة مشتركة تتوسط بينهما. وطالما بقيت النقطة المشتركة، فكلٌّ من الطريقين أصل وفرع في الوقت نفسه، مهما جادل المجادلون وتقاتلوا.
لو أنّ الحادث وقع لجاء خبير، وخمّن الطريق الرئيس من المفترق، أو الأصل من الفرع، لكنّ الأمر بقي عند هذا الحدّ بعدما أدلى كلّ منهما بما يودّ قوله، معتبراً نفسه الحق، ومن دون اقتناع بوجهة نظر الآخر المعاكسة والمماثلة في الوقت عينه.
فأين الأصل وأين الفرع؟ هي ليست مسألة فلسفية، بل يمكن الرجوع إلى تاريخ شقّ كلّ من هذين الطريقين، لمعرفة أيّهما تفرع من الآخر... لكن، ماذا لو كانا قد شقّا في المشروع نفسه؟ هل يكون أحدهما أصلاً والآخر فرعاً؟
ربما عند هذه النقطة يفترض أن ننظر إلى مدى استخدام السيارات والمشاة لهما، وقدرة استيعابهما اليومية للسيارات وللمشاة، فنعتبر الأكثر استخداماً هو الأصل والأقل استخداماً هو الفرع. لكن، ماذا لو عدنا إلى النقطة الأولى واكتشفنا تاريخياً أنّ الأقلّ استخداماً هو الذي بني أولاً بالفعل، وتفرع منه لاحقاً الأكثر استخداماً، لكن لظروف مختلفة لوجستية وبشرية وجغرافية بات الأكثر استخداماً؟ كذلك، ماذا لو كان الطريق الأقل استخداماً، من دون أن نعرف تاريخ إنشاء كلّ من الاثنين، هو الطريق النوعي، الذي لا إقبال يومياً كبيراً عليه، لكن، في الوقت عينه، لا غنى عنه، كأن يكون الطريق الوحيد المؤدي من هذه المنطقة إلى خارجها مثلاً، أو الطريق المؤدي إلى المطار أو المرفأ؟ عندها سترتفع حظوظه ويكون بمثابة الأصل أو حتى الفرع الذي يضاهي الأصل ربما. ولعلّ ما اعتبرناه فرعاً تبعاً لكلّ الشروط السابقة هو الشارع الذي يستقبل الاحتفالات العامة في الحيّ من أفراح ومآتم ومناسبات سياسية واجتماعية حتى يكون هو نفسه زينة المنطقة ككلّ، أفلا يكون هو الأصل حينها؟ وربما أيضاً هو الذي يضم المدرسة الوحيدة هناك، أو المشروع السكني الأكبر أو حتى المركز التجاري الأهم، ولكلّ هذا اعتباراته أيضاً.
هي إشكاليات عديدة تتبعها فرضيات كثيرة وربما لا ينتهي تعداد احتمالاتها؛ ما بين تاريخ واقتصاد واجتماع وثقافة وتربية. لكنّ مشكلة جميع هذه الاحتمالات هي التشبث واعتبار الحياة بأكملها على طرفي نقيض لا ثالث لهما، مع أنّنا جميعاً نعرف عن خبرة اجتماعية طويلة، أنّ النقيضين وإن تشتتا كلّ في اتجاه يبقيان مرتبطين في نقطة مشتركة تتوسط بينهما. وطالما بقيت النقطة المشتركة، فكلٌّ من الطريقين أصل وفرع في الوقت نفسه، مهما جادل المجادلون وتقاتلوا.