بدأت تلوح في الأفق من جديد بوادر أزمة بين كوبنهاغن وروما بسبب منع باخرة الشحن "ألكسندر ميرسك"، التابعة للدنمارك، بعد إنقاذها 113 مهاجراً، من الرسو في ميناء إيطالي. ولا يبدو أن "أزمة الهجرة" ستتوقف في ظل غياب سياسة أوروبية مشتركة واضحة، أكدها إعلان وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، أن بلده لن يستقبل أي مهاجر بعد اليوم.
والتقطت باخرة الشحن الدنماركية "ميرسك" نداء إنقاذ رسمياً من خفر السواحل الإيطالي لإنقاذ مهاجرين في عرض البحر يوم الخميس الماضي، فغيرت مسارها في مياه المتوسط لإنقاذ نحو 113 مهاجرا، وفقا لما أعلنه مسؤول المكتب الإعلامي في "ميرسك"، ميكل إلبيك، للقناة الرسمية الدنماركية.
لكن ما جرى بعد عملية الإنقاذ هو ما تسبب بالمشكلة المستمرة حتى اليوم. إذ لا تزال "ميرسك" في عرض البحر قبالة سواحل مدينة "بوزالو" في جزيرة صقلية، وتمنع من إنزال المهاجرين. هذه حالة ليست جديدة، فالإيطاليون رفضوا قبل ذلك رسو سفينة الإنقاذ "أكواريوس" مع 629 مهاجراً على متنها قبل نحو عشرين يوما، وأعلن الوزير المتشدد سالفيني بأن إيطاليا "لن تسمح برسو أية سفينة بعد اليوم". وتبقى "ميرسك" بطاقمها المؤلف من 20 شخصاً، و113 مهاجراً على متنها أيضاً بانتظار تعليمات ما، مع رفض السلطات الإيطالية الرسو في موانئها.
الموقف الإيطالي الذي يثير غضب الدنمارك دفع وزيرة الهجرة الدنماركية، إنغا ستويبرغ، (يمين وسط، ومتشددة في رفض اللاجئين) أمس الأحد، إلى اعتبار ما يجري "غير معقول وغير محتمل".
وقالت: "سنتواصل مع الزميل (وزير داخلية إيطاليا ماتيو)سالفيني، إذ من غير المعقول أن يُطلب من باخرة الشحن ميرسك أن تساهم بمساعدة السلطات الإيطالية ثم يرفض رسوها في موانئ إيطالية، بالتأكيد لا يوجد شك أن مكان الرسو هو إيطاليا".
— Made in Italy (@Italy) June 23, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وعلى الرغم من نقل الإيطاليين اللوازم الأساسية، من طعام وأدوية للمهاجرين، إلى الباخرة الدنماركية إلا أن "موقف روما السلبي سيكون مثار بحث مباشر مع روما اليوم"، بحسب ستويبرغ.
الاختلاف بين قضية "أكواريوس" و"ألكسندر ميرسك" يتضح من الشرح القانوني الذي تعرضه الدنمارك اليوم الإثنين. إذ "مقابل تطوع سفينة إنقاذ مهاجرين ولاجئين للبحث عن هؤلاء في مياه المتوسط لإنقاذهم وهم في طريقهم نحو سواحل أوروبا، كانت "ميرسك" تبحر في مسارها المحدد لنقل حاويات حين تلقت رسميا اتصال إنقاذ من السلطات الإيطالية، ما دعا البحارة لتغيير مسارهم وإنقاذ هؤلاء المهاجرين من الغرق، والآن هم يرفضون رسو الباخرة. هذا أمر غير عادل، خصوصًا أن "ميرسك" تتحمل تكاليف مالية كبيرة في هذه الظروف التي وضعت فيها"، وفقا لما أوضحته الوزيرة ستويبرغ.
— Danilo Campailla (@danilocampailla) June 23, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Danilo Campailla (@danilocampailla) June 23, 2018
|
ولا يبدو موقف اليمين المتشدد الحاكم في روما أنه سيخفف من وطأة إنقاذ البواخر للمهاجرين من غرق محتمل في المتوسط، فبالنسبة لزعيم "الليغا" اليميني المتطرف، ماتيو سالفيني "هؤلاء ليسوا سوى تجار بشر ورجال مافيا"، واصفاً سفن الإنقاذ في المتوسط.
وعلى وقع الخلافات الأوروبية يخشى الخبراء الدنماركيون أن "تصبح ميرسك وبواخر الشحن الدنماركية والمهاجرين أسرى هذه الخلافات السياسية"، بحسب البروفسور في حقوق الإنسان في معهد "راؤول فالينبيرغ" بكوبنهاغن، توماس غالملتوفت هانسن اليوم.
وبالرغم من سماح السلطات الإيطالية بمغادرة 4 أطفال وسيدة حامل يوم الأحد، إلا أن الباخرة ما تزال في عرض البحر مقابل سواحل صقلية.
وصرح رئيس وزراء الدنمارك، لارس لوكا راسموسن، الذي شارك أمس في لقاء أزمة مع قادة أوروبيين آخرين في بروكسل، أنه "بوضوح تام على الإيطاليين استقبال الباخرة ومن على متنها من المهاجرين، فحين يجيء طلب الإنقاذ من السلطات فهناك قوانين تحكم ذلك".
— Ocean Shipping (@OceanShipping) June 24, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ولفهم طبيعة الخلاف الناشئ بشأن مهاجري القوارب وإنقاذ البواخر لهم في المتوسط يوضح البروفسور هانسن للقناة الدنماركية الأولى، دي آر، أن "اتفاقية قانون البحار والاتفاقيات المتعلقة بالسلامة والإنقاذ(UNCLOS) تحدد الأمر. فعلى السفن الاستجابة لنداء الاستغاثة وتقديم المساعدة للمحتاجين، حتى لو كنت في مركب خاص عليك الاستجابة، وهو ما فعلته ميرسك بناء على إشارة استغاثة رسمية من سلطات خفر السواحل الإيطالية، ومركز الإنقاذ في روما، وهذا أمر معروف لدى كل بحار وطواقم الإبحار حول العالم، فلا يمكن تجنب الاستجابة للنداءات".
ووفقا لما تقول إدارة ميرسك فإن "ألكسندر تلقت الإشارة وقامت بواجبها، وعلى الطرف المقابل القيام بواجبه بناء على الاتفاقية البحرية التي تقضي بأن تنتقل السفينة أو المركب المنقذ بمن عليه نحو أقرب ميناء آمن". وبالنسبة لخبير في قوانين دولية، كغلملتوفت هلنسن، "لا يمكن في هذه الحالة أن يكون ميناء ليبي هو الأقرب أو الآمن في هذه الحالة، فهي أنقذتهم في القطاع الإيطالي للإنقاذ (إذ يقسم الأوروبيون البحر المتوسط إلى قطاعات مختلفة موزعة المسؤوليات بينهم)، لذلك يجب السماح للمهاجرين بالنزول في ميناء في صقلية تحدده السلطات في روما".
وزير الداخلية الإيطالي، سالفيني، شدد أمس على صفحته الرسمية في "فيسبوك" بأن "هناك بعض البواخر التي يجب عليها أن تنسى كل شيء عن إيطاليا. أوقفوا هذه الأعمال التجارية بالهجرة غير الشرعية". وبنفس الوقت نشر سالفيني في تعليقات أخرى على صفحته أمس "شكرا للسلطات الليبية التي تقوم بعملها الآن وتعيد قوارب المهاجرين نحو سواحلها".
وجاء ذلك أيضا تزامنا مع تقرير أمس الأحد لقناة 7 الإيطالية عن "مراكب تحاول الرسو في موانئ إيطاليا، ومنها ألكسندر ميرسك"، ما يثير احتجاج الدنمارك.