لم تكن عودة العوائل العراقية النازحة إلى مناطقها أقلّ مأساة ومعاناة من نزوحها الأول عن مدنها، بعد اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي لشمال وغرب العراق، بل تبدو أصعب، لأن الأسر التي أجبرت على العودة لم تجد مأوى لها في المناطق المحررة التي ضربها بشدة دمار المعارك والتفجيرات، ما جعل العائدين يطالبون بالرجوع من جديد إلى المخيمات.
وقال أبو غزوان، وهو أحد العائدين إلى الموصل، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مأساة العودة أشد وطأة علينا من مأساة النزوح، إذ إنّنا في النزوح كنا نسكن الخيام، واليوم لم نجد حتى ما يؤوينا في مناطقنا. منازلنا مهدمة ومناطقنا عبارة عن أكوام أنقاض غير صالحة للسكن".
وأضاف "أجبرونا على ترك مخيمنا في بغداد، ودفعونا دفعا للعودة لأغراض انتخابية"، مطالبا بـ"العودة إلى المخيمات، فحالنا هناك كان أفضل من أحوالنا التي نحن عليها الآن". كما دعا الحكومة إلى "التدخل للتخفيف من معاناة العائدين، وإيجاد حلول لأزماتهم ومعاناتهم، وإعادة نصب المخيمات التي كانت تؤويهم".
بدوره، أوضح مسؤول محلي في الموصل أنّ "الكثير من العوائل العائدة إلى مناطقها رجعت مجددا إلى المناطق التي كانت نازحة إليها، واستأجرت منازل هناك".
وقال عضو المجلس المحلي للموصل، سليم اللهيبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "دفع العوائل النازحة للعودة قبل إعمار مناطقها لا يمت للإنسانية بصلة، ويجب أن تأخذ الحكومة ذلك بالاعتبار، وتضعه في صلب اهتمامها، وأن لا تسمح للجهات السياسية والأحزاب بالتدخل في هذا الملف".
وأكد أنّ "حسم موضوع النازحين يحتاج إلى تخصيصات مالية، وإلى دراسة عملية، وخطوات لإعمار المناطق المحررة، وعدم إدخال هذا الملف بالصراعات السياسية وقضية تحقيق المكاسب الخاصة".
وتدخلت أحزاب سياسية ومليشيات بموضوع إعادة النازحين، وأجبرتهم على العودة من دون إعادة تأهيل مناطقهم التي نزحوا منها، الأمر الذي فاقم من أزمتهم وزاد من معاناتهم.
وفي السياق، تعمل منظمات مجتمع مدني على إحصاء عدد العوائل التي أجبرت على العودة. وقالت مديرة منظمة الأمل، سهى الرشيدي، لـ"العربي الجديد": "وقفنا في السابق على معاناة العوائل النازحة، واليوم نقف على معاناة العوائل العائدة"، مشيرة إلى أن العمل حالياً ينصب على "جرد العوائل التي أجبرت على العودة في الموصل والأنبار وصلاح الدين".
وأكدت أنّ "المنظمة ستقدم شكوى ضد الجهات التي أجبرت تلك العوائل على العودة"، مطالبة الحكومة بـ"تحمل مسؤوليتها إزاء هذا الملف".