‫أسر وأطفال "داعش" في العراق يواجهون المجهول

05 فبراير 2018
أسر وأطفال "داعش" أبرز الملفات بعد دحر التنظيم(العربي الجديد)
+ الخط -
خلف جدار في مخيم تلكيف في محافظة نينوى، شمالي العراق، يجلس ابن أحد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، يدعى أحمد خلف، ويبلغ العاشرة من عمره. يلعب مع إخوته الثلاثة بـ"الدعبل" (كرات زجاج ملونة) لقضاء الوقت.

ويقول خلف: "نحن منبوذون، لا أحد يسمح لنا بالخروج من المخيم لأننا محسوبون على تنظيم داعش. لم أقترف جريمة ولكن والدي كان مقاتلاً في التنظيم".

لا يسمح للصحافيين بالدخول إلى الموقع المحصن من قبل السلطات الأمنية، لأنه واحد من أهم المواقع التي تحتجز فيها عوائل التنظيم الذي طويت صفحته محليا. ولكن ملفات عدة لا زالت عالقة وتحتاج إلى حلول، أهمها مصير أسر وأطفال عناصر "داعش".

الجدار الخارجي للمخيم عبارة عن أسلاك معدنية. ومن وراء الأسلاك، قال أحمد خلف لـ"العربي الجديد": "والدي كان مقاتلاً مع تنظيم داعش وصار عضواً في ديوان الحسبة، لكنه قتل بقصف طائرة وقام التنظيم بتسليم جثته. كان يزورنا أحد اعضاء التنظيم ويسلمنا مبلغا ماليا يصل إلى 250 ألف دينار عراقي (نحو 211 دولاراً)، ونقلنا للسكن في منزل جميل في حي الجامعة. بقينا هناك حتى دخول القوات العراقية وسيطرتها على المدينة، فخرجنا إلى مخيمات النزوح. إلا أن معلومات أمنية عنا وعن عائلتنا جعلتهم يضعوننا في مخيم منفصل مع عوائل أخرى للتنظيم".

وعن أوضاع عائلته في المخيم، أضاف: "نتلقى المساعدات الغذائية من المشرفين على المخيم، وأقضي يومي وإخوتي نلعب بالدعبل"، مشبها المخيم بالسجن.

محتجزون في تلكيف حتى إنجاز البحث بملفاتهم(تويتر) 




بدون هوية

وقال عضو جمعية نينوى لحقوق الإنسان، عبد الله يونس، لـ"العربي الجديد"، إن "موضوع عوائل داعش وغيرها من ملفات، منها قضية الأطفال المولودين من عراقيات تزوجن من عناصر من داعش، وإما قتلوا أو فروا خارج البلاد، فالحكومة لا تسجل هؤلاء الأطفال دون قضية في المحاكم لتحديد هوية والديهم، وهناك المئات من الأطفال غير المسجلين رسمياً بدائرة التسجيل".

وتشير‫ مصادر حكومية عراقية ومحلية في محافظة نينوى، المعقل الرئيسي لـ"داعش"، إلى أن مئات من الأطفال والنساء محتجزون في سجون حكومية، ومن بقي منهم خارج السجن فيعانون من عدم الاعتراف بهم.

وسيطر تنظيم "داعش" على محافظة نينوى في العاشر من يونيو/حزيران عام 2014.

عائلات "داعش" فصلت عن باقي النازحين لأسباب أمنية(تويتر) 



داخل السجن

قال عضو مجلس محافظة نينوى، حسام الدين العبار، إن على الحكومة العراقية والأمم المتحدة حسم ملفات 1451 من عوائل تنظيم داعش وأطفالهم القابعين في أحد سجون حكومة نينوى المحلية، لأن بقاءهم في السجن أمر يحتاج إلى حلّ، خصوصاً أن هناك سجناء تابعين للتنظيم بينهم أتراك وشيشانيون وأوزبكستانيون يجب إخضاعهم للمحاكمة.

وأضاف العبار لـ"العربي الجديد": "يوجد 1451 فرداً وغالبيتهم نساء وأطفال أجانب تابعين لدول مختلفة يقبعون في سجن قضاء تلكيف (45 كلم شمال نينوى)، وتشرف على هذا السجن الحكومة الاتحادية".

ودعا الحكومة والأمم المتحدة إلى سرعة حسم ملفات تلك العوائل، وحسم أمر بقائها في هذا السجن، لغرض استخدامه لمعتقلين آخرين تابعين لتنظيم "داعش"، لافتا إلى أن "الجهود السابقة للحكومة العراقية ساعدت بنقل عدد من العوائل، والآن عليها طيّ ملفهم لكي تطوي نينوى بدورها ملف إرهاب داعش".

وكشف العبار أن "القوات الأمنية نجحت بعد عمليات تحرير نينوى في اعتقال ما يقارب سبعة آلاف عنصر من تنظيم داعش الإرهابي، وغالبيتهم عناصر محلية. وإن غالبية قادة تنظيم داعش الإرهابي الأجانب قتلوا في العمليات العسكرية على يد القوات الأجنبية".


من لم يقتل أو يلقى القبض عليه توارى تاركاً عائلته بدون إثبات نسب(تويتر) 



إثبات النسب

قال النقيب في شرطة نينوى، سيف الدين أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "الأطفال ونساء التنظيم في نينوى يعتبرون معتقلين إلى حين الحكم عليهم أو تسليم بعضهم لدولهم الأصلية، خصوصاً الأطفال والنساء".

وأكد أن "أبرز المشاكل الناتجة عن التنظيم الإرهابي وجود مئات الأطفال من أمهات تزوجن من عناصر أجنبية انضموا للتنظيم، وهؤلاء لا يمتلكون أي هوية، ولن يمنحوا أي هوية عراقية لأنهم مجهولو النسب، وآباؤهم إما قتلوا أو فروا إلى جهات مجهولة أو أنهم معتقلون، ولن تصدر لهم الحكومة أي أوراق ثبوتية رسمية للاعتراف بهم".

‫من جهته، قال مصدر قضائي في محكمة نينوى لـ"العربي الجديد"، إن "ملف عناصر وعوائل تنظيم داعش من أعقد الملفات بوجود آلاف الشكاوى لإثبات هوية ونسب أطفال داعش الذين تزوج آباؤهم من نساء عراقيات قبل أن يقتلوا أو يفروا، ولا يمكن منحهم أي جنسية".

وقالت إحدى نساء عناصر التنظيم، التي تسكن بيتاً مهجوراً في الضاحية الجنوبية للساحل الأيمن من الموصل، ولها أربعة أطفال، وتدعى أم مصعب، لـ"العربي الجديد": "زوجي أحد مقاتلي تنظيم داعش قتل في معارك تحرير الساحل الأيمن، ولي أربعة أطفال، والآن أنا أتسول، وأهلي يرفضون الاعتراف بأطفالي. راجعت الحكومة بغرض طلب الهوية للأطفال، لكنهم رفضوا، وأنا الآن أتسول بهم بعد مقتل أبيهم وامتناع أهلي عن رعايتهم".

وتابعت: "تنظيم داعش أغرى البسطاء بالمال والجهاد والدين، وجعل نهايتهم القتل والهرب، فمنهم من ترك عائلته وهرب خارج البلاد، وهناك عشرات مثل حالي بين التسول والسجون".

وقال المتخصص في دائرة الرعاية الاجتماعية في نينوى، خالد المولى، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف عوائل عناصر داعش وأطفالهم ينحصر بين تسليم الأجانب إلى دولهم، وإيجاد حلول حكومية لتأهيل العراقيين منهم لمنع عودة ظهور جماعات متشددة مستقبلا".

ونبه إلى أن هذا الملف "بات مشكلة تحتاج لحلول، وإلى تدخّل الأمم المتحدة والدول التي التحق مواطنوها بالتنظيم".