وزاد الدعم لأهالي يافا من باقي المدن والقرى الفلسطينيّة داخل الخط الأخضر، وواظبت الهيئة الإسلاميّة المنتخبة في يافا على تنظيم صلوات يوميّة في العراء وبالقرب من مقبرة الإسعاف، ومن ثم ألقيت خطابات من رجال دين محليين ومن مدن أخرى، وذلك من أجل مقاومة مخطط الاحتلال الذي ينوي بناء عمارة، مثلما كان في السابق، حينما وجدت عمارة قديمة على أرض المقبرة، ولكن حينها لم تسنح الفرصة لأهالي يافا بالاحتجاج بسبب إخفاء المقبرة منذ سنوات تحت العمارة السابقة. الأمر الذي تتحجج به سلطات الاحتلال (بلدية تل أبيب والمحكمة المركزيّة) وتصر على المشروع.
ووجدت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال بكثافة مساء الثلاثاء الماضي، بعد أن علمت بالمسيرة التي نظّمتها الهيئة الإسلاميّة والتي ندّدت بالاعتداء على أرض المقبرة وجنّدت المئات من شباب ورجال ونساء يافا، الذين ساروا من مركز المدينة إلى اتجاه المقبرة، ولكن في منطقة دوار الساعة القريبة من المقبرة تصدّت قوّات الشرطة للمتظاهرين وابتدأ الصدام بين الطرفين ما أسفر عن إصابات، ومن بينهم طفل في العاشرة من العمر، واعتقال أربعة شبان.
واستعملت الشرطة العنف الزائد كون المتظاهرين من العرب، كما تم إلقاء قنابل صوتية لتفريق المتظاهرين الذين بدورهم ألقوا ألعاباً نارية لصد الشرطة، ومن ثم أحرقوا بضع حاويات قمامة في الشارع الرئيسي تعبيراً عن غضب الشارع اليافاوي من تصرفات الشرطة القمعيّة. الأمر الذي تكرر في اليوم التالي (الأربعاء) ولكن بوتيرة أقل من قبل.
وقدّم عبد أبو شحادة، عضو قائمة يافا في المجلس البلدي تل أبيب يافا، يوم أمس الخميس، استقالته من الائتلاف البلدي الذي كان مبرماً منذ بداية عام 2019 بين قائمة يافا ممثلة أهالي يافا العرب وبين رئيس البلدية، الذي بدوره لم يحترم الاتفاقيّة بالكامل وضرب بعرض الحائط أغلبية بنود الاتفاق مع مندوبي قائمة يافا التي أبرمت في السابق.
وقال أبو شحادة لـ"العربي الجديد" إنّ "البلدية تصرفت بعنجهيّة وتكبّر وبلطجة في قضيّة مقبرة الإسعاف ولم ترض بحلول وسط، رغم أنها وعدت في السابق أنها ستدافع عن المقدّسات العربيّة في يافا، وها هي أثبتت العكس ولذلك قررنا الانسحاب من الائتلاف، نظراً لعدم تجاوبها مع مطالبنا المدنيّة الأخرى التي كانت يجب أن تخدم أهالي يافا العرب على الصعيد الاقتصادي والتعليمي والثقافي وغيره".
هذا ونظمت الهيئة الإسلاميّة في يافا صلاة الجمعة في العراء وبالقرب من مقبرة الإسعاف، وأمّ الصلاة الشيخ عكرمة صبري مفتي القدس وخطيب مسجد الأقصى سابقاً، والذي بدوره تحدث عن الغبن الذي يعاني منه المسلمون في بلادهم المحتلة إن كان في القدس أو في يافا أو في أي مدينة أخرى يوجد فيها المسلمون.
وندد بعملية طمس مقبرة الإسعاف في يافا من قبل سلطات الاحتلال، ووجه رسالة إلى الحاضرين بألا يستسلموا للأمر الواقع وأن يدافعوا عن حرمة المقبرة لاستعادتها لأصحابها الحقيقيين، لأنها أرض وقف إسلامي ولا يجوز التنازل عنها مهما مر الزمان.
ومن الجدير بالذكر أنه من بعد انتهاء الصلاة، احتشد المصلون وأغلقوا الشارع بشكلٍ عفويّ من خلال السير على الأقدام والدراجات نحو دوار الساعة، حيث انتظرتهم قوّات شرطة معزّزة بقوات خاصة جاهزة للتصدي للمصلين الذين هتفوا هتافات منددة بالحدث وملهمة للحشد، الذي وقف أمام الشرطة آبياً أن يخضع لسياسات الاحتلال المجحفة بحقه وبحق جميع الفلسطينيين أينما وجدوا.