ليس هناك من أرقام دقيقة عن عدد الضحايا في سورية. هناك أرقام متفاوتة ويومية تصدر عن بعض الجهات المحلية، لكنها في اليوم التالي تصبح قديمة، باعتبار عدّاد الموت لم يتوقف عن العمل في تسجيل المزيد. وقريباً تدخل البلاد عامها السادس من العنف المدمِّر من دون أن تتبدى في الأفق نهاية قريبة بفعل تداخل العناصر المشاركة من محلية وإقليمية ودولية.
الرقم الذي تضمنه تقرير "مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية 2015 – 2016 " الصادر عن منظمة "إسكوا" الأممية هو رقم يتحدث عن 470 ألف قتيل. لا وجود في التقرير المتواضع هذا لأعداد الجرحى والمشوهين والمعوقين والأسرى والمفقودين وغيرهم. التقرير نفسه يتحدث عن تهجير ولجوء ربع السكان الى خارج البلاد. ربع السكان معناه 6 ملايين نسمة باعتبار عدد سكان سورية هو 25 مليون نسمة. قبل ذلك، جرى الحديث عن 4 ملايين لاجئ ، توزع هؤلاء على تركيا ولبنان والأردن وأوروبا، والعدد الأوفر هو في تركيا. والمعلوم أنّ نصف اللاجئين هم من النساء والأطفال، بينما العدد الفعلي ربما أكبر من هذا الرقم وتلك النسبة. إذا تطرقنا الى أعداد النازحين أمامنا فالعدد مضاعف عن اللاجئين داخل الحدود.
ما حدث في سورية أشبه ما يكون بزلزال سكاني انتقلت معه البلاد من استقبال اللاجئين (أرمن، فلسطينيين، عراقيين) إلى أكبر مصدّر للاجئين على سطح الكرة الأرضية كما تؤكد تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. انتقل السوريون من الاعتماد على أنفسهم إلى الاتكال على ما تجود به المؤسسات الدولية.
ما يتطلب التدقيق يتناول آليات الحرب نفسها. المعروف أنّ في سورية يجري الضرب في عرض الحائط باتفاقيات جنيف أو القانون الدولي الإنساني الذي ينظم ويقنن الحروب وآلياتها ويحدد التعامل بين المتحاربين أنفسهم وحيال السكان المدنيين ناهيك عن المرافق والمؤسسات وغيرها. أهم مظهر في الحرب السورية هو التطهير الطائفي والعرقي الذي يفرض أحكامه على المناطق والمحافظات السورية كافة. سابقاً كانت سورية تعاني من تراجع عدد سكان الأرياف بوتيرة سريعة مقابل تضخم المدن. الآن يحدث ما هو أفدح من ذلك، إذ يُرغَم السكان على مغادرة مدنهم وقراهم، ويعامَل المدنيون كما يعامَل العسكريون تماماً. لم يحدث أن جرى التوصل إلى اتفاقية من اتفاقيات وقف النار وإجلاء المسلحين عن مواقعهم من دون اقترانها بإجلاء المدنيين. يُربط مصير المدنيين بالمقاتلين. بدأت محنة التهجير في حمص والقصير وطاولت مؤخراً حلب والزبداني وغيرهما. والحصيلة أنّ عملية تمزيق تُفرض على سورية ستتركها أشلاء متناثرة.
*أستاذ جامعي
اقــرأ أيضاً
الرقم الذي تضمنه تقرير "مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية 2015 – 2016 " الصادر عن منظمة "إسكوا" الأممية هو رقم يتحدث عن 470 ألف قتيل. لا وجود في التقرير المتواضع هذا لأعداد الجرحى والمشوهين والمعوقين والأسرى والمفقودين وغيرهم. التقرير نفسه يتحدث عن تهجير ولجوء ربع السكان الى خارج البلاد. ربع السكان معناه 6 ملايين نسمة باعتبار عدد سكان سورية هو 25 مليون نسمة. قبل ذلك، جرى الحديث عن 4 ملايين لاجئ ، توزع هؤلاء على تركيا ولبنان والأردن وأوروبا، والعدد الأوفر هو في تركيا. والمعلوم أنّ نصف اللاجئين هم من النساء والأطفال، بينما العدد الفعلي ربما أكبر من هذا الرقم وتلك النسبة. إذا تطرقنا الى أعداد النازحين أمامنا فالعدد مضاعف عن اللاجئين داخل الحدود.
ما حدث في سورية أشبه ما يكون بزلزال سكاني انتقلت معه البلاد من استقبال اللاجئين (أرمن، فلسطينيين، عراقيين) إلى أكبر مصدّر للاجئين على سطح الكرة الأرضية كما تؤكد تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. انتقل السوريون من الاعتماد على أنفسهم إلى الاتكال على ما تجود به المؤسسات الدولية.
ما يتطلب التدقيق يتناول آليات الحرب نفسها. المعروف أنّ في سورية يجري الضرب في عرض الحائط باتفاقيات جنيف أو القانون الدولي الإنساني الذي ينظم ويقنن الحروب وآلياتها ويحدد التعامل بين المتحاربين أنفسهم وحيال السكان المدنيين ناهيك عن المرافق والمؤسسات وغيرها. أهم مظهر في الحرب السورية هو التطهير الطائفي والعرقي الذي يفرض أحكامه على المناطق والمحافظات السورية كافة. سابقاً كانت سورية تعاني من تراجع عدد سكان الأرياف بوتيرة سريعة مقابل تضخم المدن. الآن يحدث ما هو أفدح من ذلك، إذ يُرغَم السكان على مغادرة مدنهم وقراهم، ويعامَل المدنيون كما يعامَل العسكريون تماماً. لم يحدث أن جرى التوصل إلى اتفاقية من اتفاقيات وقف النار وإجلاء المسلحين عن مواقعهم من دون اقترانها بإجلاء المدنيين. يُربط مصير المدنيين بالمقاتلين. بدأت محنة التهجير في حمص والقصير وطاولت مؤخراً حلب والزبداني وغيرهما. والحصيلة أنّ عملية تمزيق تُفرض على سورية ستتركها أشلاء متناثرة.
*أستاذ جامعي