تبلغ نسبة الأطفال اللاجئين السوريين في سنّ الدراسة، أيّ ما بين ثلاثة أعوام و17 عاماً، نحو 55 في المائة من مجمل اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان. وقد استطاعت الجهود الدولية تأمين مقاعد دراسية لـ 157 ألف طفل من أصل 470 ألفاً خلال العام الدراسي الماضي، وهي نسبة تعمل وزارة التربية على زيادتها بالتعاون مع المنظمات الدولية.
تنقّل محمد وهو طفل سوري لاجئ بين ثلاث مدارس لبنانية رسمية وخاصة، خلال سنوات لجوئه الخمس في لبنان، بسبب ظروف عمل والده التي أجبرت العائلة على الانتقال من منطقة إلى أخرى. تختصر والدة الطفل وضعه الأكاديمي بعبارة "غير مستقر". فالتنقل المتكرر حرمه من بناء صداقات أو الارتباط ببيئة دراسية تسمح له بالتفوق كما كانت حاله في مدرسته السورية قبل اللجوء. بعد عرسال البقاعية وجبيل (شمال بيروت)، تأمل العائلة أن تكون مدرسة محمد الثالثة في مدينة طرابلس (شمال) هي الأخيرة.
واليوم، يقصد محمد الأسواق في المدينة برفقة والدته لشراء الطعام، ولا يستطيع اختيار القرطاسية التي يشتهيها قبيل انطلاق العام الدراسي. فالعائلة تعتمد على القرطاسية التي توفّرها الجمعيات اللبنانية والدولية للاجئين، لذا يحرَم من متعة شراء الحقيبة والمقلمة و"مطرة" المياه التي لفتت نظره. وبخلاف عائلات سورية أخرى، لن تجد الأسرة مشكلة في تسجيل ابنها بعدما حرصت الأم على حفظ كل المستندات الخاصة بأولادها إلى جانب الوثائق الرسمية الخاصة بالعائلة.
استيعاب مدارس الوزارة
ارتفع عدد التلاميذ السوريين المسجّلين في المدارس الرسمية اللبنانية من 62 ألف تلميذ في العام الدراسي 2013-2014 إلى نحو 157 ألفاً في العام الدراسي الماضي 2015-2016، بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وهي زيادة لم تكن ممكنة لولا الدعم المالي الذي يقدّر بمائتي مليون دولار أميركي، الذي تلقته الحكومات اللبنانية المتعاقبة لمواكبة أزمة التعليم التي تمثّل جزءاً من الأزمة الأكبر، ألا وهي وجود نحو مليون لاجئ سوري مسجّلين لدى المفوضية في لبنان.
وعلى الرغم من الارتفاع الإيجابي في أعداد التلاميذ السوريين المسجّلين في المدارس، إلا أنّ نسبة الذين يتابعون تحصيلهم العلمي لا تتجاوز نصف عدد الأطفال المسجّلين لدى المفوضية أي 157 ألف طفل من أصل 470 ألفاً. وهي نسبة يؤكد القيمون على قطاع التعليم على أنّها قابلة للارتفاع من خلال تأمين دعم مالي أكبر وزيادة عدد المدارس الرسمية التي تعمل بنظام الدوامين (قبل الظهر وبعده) لاستيعاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ.
تشرح المتحدثة باسم المفوضية ليزا أبو خالد لـ"العربي الجديد" آليّة تسجيل اللاجئين السوريين الذي يلتحقون بالمدارس ابتداءً من اليوم الثلاثاء في العشرين من سبتمبر/ أيلول الجاري، وأبرز العوائق التي تحرم بعضهم من الحقّ في التعليم. وتؤكّد أبو خالد أنّ "عملية التسجيل سهلة وغير مكلفة، وقد ساهمت حملات توعية أقمناها في شرح آلية التسجيل وأهمية التعليم". لكنّها تشير إلى أنّ "تأمين المستندات المطلوبة للتسجيل يصبح صعباً لتلاميذ المرحلة الثانوية الذين يحتاجون إلى إفادات عن علاماتهم لسنتين سابقتين، بالإضافة إلى الوثائق العادية المطلوبة، وهي صورة عن الهوية وصور شمسية وبطاقة صحية". وتشرح أنّ اللاجئين بمعظمهم غادروا منازلهم على عجل، بالتالي فإنّ الحصول على إفادات بالعلامات السابقة من المدارس السورية أمر شبه مستحيل بالنسبة إليهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا الواقع لم يمنع أحد التلاميذ السوريين من الحلول ثانياً على صعيد لبنان في امتحانات الشهادة المتوسطة (بروفيه) خلال العام الدراسي الماضي.
بعد التسجيل، تتقاسم المؤسسات الدولية الهمّ المادي لتعليم التلاميذ الذي يتوزّع بين تأمين القرطاسية والكتب والتنقل من وإلى المدرسة. وتشير أبو خالد إلى "تولّي منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مسألة تأمين بدل النقل لقسم من التلاميذ، بينما نتولّى نحن والمؤسسات الشريكة تأمين الكتب والقرطاسية بعد تغطية الأقساط".
اقــرأ أيضاً
مع ازدياد عدد اللاجئين (والتلاميذ منهم)، يُسأل عن استيعاب المدارس الرسمية التلاميذ السوريين، علماً أنّ نظام الدوامَين طُبّق لاستيعاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ. واليوم يهدف مشروع "رايس" لتعليم الأطفال المقيمين في لبنان (مشترك بين وزارة التربية ومانحين ومؤسسات دولية) إلى زيادة عدد المدارس الرسمية العاملة بدوامَين من 283 مدرسة إلى 330 مدرسة. يُذكر أنّ تطبيق النظام بدأ قبل ثلاثة أعوام في 120 مدرسة فقط. ويُفترض بالمشروع التربوي الجديد أن يوفّر التعليم المجاني (رسوم التسجيل والكتب والقرطاسية) لـ 469 ألف طفل لبناني وسوري وفلسطيني في لبنان. وسوف تقتصر التكلفة التي يدفعها الأهل على 21 ألف ليرة لبنانية (14 دولاراً أميركياً)، وهي رسوم للخزينة بالإضافة إلى طابع مالي.
جهود غير كافية
تؤكد منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ الجهود التي تبذلها وزارة التربية اللبنانية "كبيرة، لكنّها غير كافية لحلّ أزمة تعليم اللاجئين السوريين في لبنان". وتشير في سلسلة تقارير أعدّها الباحث بسام خواجة، إلى أنّ "ثمّة ربطاً مباشراً ووثيقاً بين تدهور ظروف العيش وضعف الإقبال على التعليم لدى اللاجئين الذين يعيش 70 في المائة منهم تحت خط الفقر المُحدّد بـ 3.84 دولارات في اليوم (إحصاءات عام 2015)". وتعود الأسباب المباشرة لهذا الأمر إلى "عدم قدرة الأسر السورية على توفير المصاريف الدنيا المرتبطة بالمدرسة مثل النقل، فتعمد ببساطة إلى إخراج أبنائها من المدارس بشكل متزايد وتعتمد عليهم للعيش". كذلك يشير خواجة إلى أنّ فرض الإقامات على السوريين في لبنان في يناير/ كانون الثاني 2015 "جعل حفاظ السوريين على وضع قانوني سليم صعباً أو مستحيلا. فيلجأ الأهل إلى تشغيل أبنائهم لأنّهم أقل عرضة لخطر الملاحقة القانونية". ويضيء الباحث أيضاً على "فرض بعض مديري المدارس شروطاً تعسفية للتسجيل، كطلب إقامة سارية المفعول من السوريين، على الرغم من سياسة وزارة التربية التي لا تشترط الإقامة للتسجيل. كذلك يجد التلاميذ صعوبات في فهم الدروس التي تُلقى باللغتين الإنكليزية والفرنسية، في غياب دعم لغوي مناسب. ويواجه الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة والتلاميذ في سنّ التعليم الثانوي صعوبات أكبر".
إلى ذلك، تشير دراسة مشتركة للمنظمات الدولية إلى أنّ "أعداد التلاميذ المسجّلين لا تتطابق في كثير من الأحيان مع معدلات الحضور الفعلية، وذلك بسبب حركة الأسر اللاجئة وانعدام وسائل النقل أو ارتفاع تكلفتها ومشاكل أخرى تتصل بالتكيّف".
وقد انعكست نتائج التسرّب المدرسي للسوريين سريعاً في ظاهرة "أطفال الشوارع" التي تفاقمت مع الأزمة السورية. وتظهر دراسة أعدّتها وزارة العمل اللبنانية ومنظمات دولية العام الماضي أنّ اللاجئين السوريين يشكّلون 73 في المائة من أطفال الشوارع في لبنان. ويؤكّد معدّو الدراسة أنّ الظاهرة قابلة للعلاج في ظل تعاون رسمي وأممي لنقل الأطفال إلى بيئة سليمة اجتماعياً واقتصادياً. ويشيرون إلى أنّ "غالب الأطفال لا يجيدون القراءة أو الكتابة و/أو أنهم لم يلتحقوا بمدارس قط، في حين تبلغ نسبة الأطفال الملتحقين بالمدرسة ثلاثة في المائة فقط".
وكان 40 في المائة من الأطفال قد أوضحوا أنّ خيارهم الأوّل البديل عن الشارع هو "التوجّه إلى المدرسة أو تغيير نوع العمل الذي يقومون به، واختار 11 في المائة منهم اللعب واللهو وعدم القيام بأيّ شيء".
تعليم مشروط للفلسطينيين
لا يقتصر التلاميذ غير اللبنانيين على اللاجئين السوريين فقط، بل يُضاف التلاميذ اللاجئون من فلسطين واللاجئون الفلسطينيين النازحون من سورية إلى مشهد القطاع التعليمي في لبنان. وتتولى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تقديم الخدمات التعليمية لهؤلاء، وتقدّر أرقامها عدد التلاميذ للعام الدراسي 2016-2017، بنحو 38 ألف تلميذ من بينهم خمسة آلاف نازح من سورية.
وتعتمد الأونروا على المساعدات والهبات لفتح أبواب مدارسها أمام التلاميذ. وقد عمدت إلى زيادة عدد التلاميذ في الفصول، بسبب نقص التمويل الذي تعاني منه كل فروعها العاملة في لبنان والأردن وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة. ويبلغ العجز بحسب ما تعلن الوكالة 96.5 مليون دولار.
من جهتهم، يعاني المدرّسون الفلسطينيون من نقص التمويل، وقد سرّح العشرات منهم ووضع عدد آخر تحت "إجازة إجبارية غير مدفوعة" بعد رفضهم التوقيع على استقالات. ويبلغ عدد المدرّسين لدى الأونروا نحو ألف و460 مدرّساً، من بينهم 125 من فلسطينيّي سورية.
اقــرأ أيضاً
تنقّل محمد وهو طفل سوري لاجئ بين ثلاث مدارس لبنانية رسمية وخاصة، خلال سنوات لجوئه الخمس في لبنان، بسبب ظروف عمل والده التي أجبرت العائلة على الانتقال من منطقة إلى أخرى. تختصر والدة الطفل وضعه الأكاديمي بعبارة "غير مستقر". فالتنقل المتكرر حرمه من بناء صداقات أو الارتباط ببيئة دراسية تسمح له بالتفوق كما كانت حاله في مدرسته السورية قبل اللجوء. بعد عرسال البقاعية وجبيل (شمال بيروت)، تأمل العائلة أن تكون مدرسة محمد الثالثة في مدينة طرابلس (شمال) هي الأخيرة.
واليوم، يقصد محمد الأسواق في المدينة برفقة والدته لشراء الطعام، ولا يستطيع اختيار القرطاسية التي يشتهيها قبيل انطلاق العام الدراسي. فالعائلة تعتمد على القرطاسية التي توفّرها الجمعيات اللبنانية والدولية للاجئين، لذا يحرَم من متعة شراء الحقيبة والمقلمة و"مطرة" المياه التي لفتت نظره. وبخلاف عائلات سورية أخرى، لن تجد الأسرة مشكلة في تسجيل ابنها بعدما حرصت الأم على حفظ كل المستندات الخاصة بأولادها إلى جانب الوثائق الرسمية الخاصة بالعائلة.
استيعاب مدارس الوزارة
ارتفع عدد التلاميذ السوريين المسجّلين في المدارس الرسمية اللبنانية من 62 ألف تلميذ في العام الدراسي 2013-2014 إلى نحو 157 ألفاً في العام الدراسي الماضي 2015-2016، بحسب بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وهي زيادة لم تكن ممكنة لولا الدعم المالي الذي يقدّر بمائتي مليون دولار أميركي، الذي تلقته الحكومات اللبنانية المتعاقبة لمواكبة أزمة التعليم التي تمثّل جزءاً من الأزمة الأكبر، ألا وهي وجود نحو مليون لاجئ سوري مسجّلين لدى المفوضية في لبنان.
وعلى الرغم من الارتفاع الإيجابي في أعداد التلاميذ السوريين المسجّلين في المدارس، إلا أنّ نسبة الذين يتابعون تحصيلهم العلمي لا تتجاوز نصف عدد الأطفال المسجّلين لدى المفوضية أي 157 ألف طفل من أصل 470 ألفاً. وهي نسبة يؤكد القيمون على قطاع التعليم على أنّها قابلة للارتفاع من خلال تأمين دعم مالي أكبر وزيادة عدد المدارس الرسمية التي تعمل بنظام الدوامين (قبل الظهر وبعده) لاستيعاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ.
تشرح المتحدثة باسم المفوضية ليزا أبو خالد لـ"العربي الجديد" آليّة تسجيل اللاجئين السوريين الذي يلتحقون بالمدارس ابتداءً من اليوم الثلاثاء في العشرين من سبتمبر/ أيلول الجاري، وأبرز العوائق التي تحرم بعضهم من الحقّ في التعليم. وتؤكّد أبو خالد أنّ "عملية التسجيل سهلة وغير مكلفة، وقد ساهمت حملات توعية أقمناها في شرح آلية التسجيل وأهمية التعليم". لكنّها تشير إلى أنّ "تأمين المستندات المطلوبة للتسجيل يصبح صعباً لتلاميذ المرحلة الثانوية الذين يحتاجون إلى إفادات عن علاماتهم لسنتين سابقتين، بالإضافة إلى الوثائق العادية المطلوبة، وهي صورة عن الهوية وصور شمسية وبطاقة صحية". وتشرح أنّ اللاجئين بمعظمهم غادروا منازلهم على عجل، بالتالي فإنّ الحصول على إفادات بالعلامات السابقة من المدارس السورية أمر شبه مستحيل بالنسبة إليهم.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا الواقع لم يمنع أحد التلاميذ السوريين من الحلول ثانياً على صعيد لبنان في امتحانات الشهادة المتوسطة (بروفيه) خلال العام الدراسي الماضي.
بعد التسجيل، تتقاسم المؤسسات الدولية الهمّ المادي لتعليم التلاميذ الذي يتوزّع بين تأمين القرطاسية والكتب والتنقل من وإلى المدرسة. وتشير أبو خالد إلى "تولّي منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مسألة تأمين بدل النقل لقسم من التلاميذ، بينما نتولّى نحن والمؤسسات الشريكة تأمين الكتب والقرطاسية بعد تغطية الأقساط".
مع ازدياد عدد اللاجئين (والتلاميذ منهم)، يُسأل عن استيعاب المدارس الرسمية التلاميذ السوريين، علماً أنّ نظام الدوامَين طُبّق لاستيعاب أكبر عدد ممكن من التلاميذ. واليوم يهدف مشروع "رايس" لتعليم الأطفال المقيمين في لبنان (مشترك بين وزارة التربية ومانحين ومؤسسات دولية) إلى زيادة عدد المدارس الرسمية العاملة بدوامَين من 283 مدرسة إلى 330 مدرسة. يُذكر أنّ تطبيق النظام بدأ قبل ثلاثة أعوام في 120 مدرسة فقط. ويُفترض بالمشروع التربوي الجديد أن يوفّر التعليم المجاني (رسوم التسجيل والكتب والقرطاسية) لـ 469 ألف طفل لبناني وسوري وفلسطيني في لبنان. وسوف تقتصر التكلفة التي يدفعها الأهل على 21 ألف ليرة لبنانية (14 دولاراً أميركياً)، وهي رسوم للخزينة بالإضافة إلى طابع مالي.
جهود غير كافية
تؤكد منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ الجهود التي تبذلها وزارة التربية اللبنانية "كبيرة، لكنّها غير كافية لحلّ أزمة تعليم اللاجئين السوريين في لبنان". وتشير في سلسلة تقارير أعدّها الباحث بسام خواجة، إلى أنّ "ثمّة ربطاً مباشراً ووثيقاً بين تدهور ظروف العيش وضعف الإقبال على التعليم لدى اللاجئين الذين يعيش 70 في المائة منهم تحت خط الفقر المُحدّد بـ 3.84 دولارات في اليوم (إحصاءات عام 2015)". وتعود الأسباب المباشرة لهذا الأمر إلى "عدم قدرة الأسر السورية على توفير المصاريف الدنيا المرتبطة بالمدرسة مثل النقل، فتعمد ببساطة إلى إخراج أبنائها من المدارس بشكل متزايد وتعتمد عليهم للعيش". كذلك يشير خواجة إلى أنّ فرض الإقامات على السوريين في لبنان في يناير/ كانون الثاني 2015 "جعل حفاظ السوريين على وضع قانوني سليم صعباً أو مستحيلا. فيلجأ الأهل إلى تشغيل أبنائهم لأنّهم أقل عرضة لخطر الملاحقة القانونية". ويضيء الباحث أيضاً على "فرض بعض مديري المدارس شروطاً تعسفية للتسجيل، كطلب إقامة سارية المفعول من السوريين، على الرغم من سياسة وزارة التربية التي لا تشترط الإقامة للتسجيل. كذلك يجد التلاميذ صعوبات في فهم الدروس التي تُلقى باللغتين الإنكليزية والفرنسية، في غياب دعم لغوي مناسب. ويواجه الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة والتلاميذ في سنّ التعليم الثانوي صعوبات أكبر".
إلى ذلك، تشير دراسة مشتركة للمنظمات الدولية إلى أنّ "أعداد التلاميذ المسجّلين لا تتطابق في كثير من الأحيان مع معدلات الحضور الفعلية، وذلك بسبب حركة الأسر اللاجئة وانعدام وسائل النقل أو ارتفاع تكلفتها ومشاكل أخرى تتصل بالتكيّف".
وقد انعكست نتائج التسرّب المدرسي للسوريين سريعاً في ظاهرة "أطفال الشوارع" التي تفاقمت مع الأزمة السورية. وتظهر دراسة أعدّتها وزارة العمل اللبنانية ومنظمات دولية العام الماضي أنّ اللاجئين السوريين يشكّلون 73 في المائة من أطفال الشوارع في لبنان. ويؤكّد معدّو الدراسة أنّ الظاهرة قابلة للعلاج في ظل تعاون رسمي وأممي لنقل الأطفال إلى بيئة سليمة اجتماعياً واقتصادياً. ويشيرون إلى أنّ "غالب الأطفال لا يجيدون القراءة أو الكتابة و/أو أنهم لم يلتحقوا بمدارس قط، في حين تبلغ نسبة الأطفال الملتحقين بالمدرسة ثلاثة في المائة فقط".
وكان 40 في المائة من الأطفال قد أوضحوا أنّ خيارهم الأوّل البديل عن الشارع هو "التوجّه إلى المدرسة أو تغيير نوع العمل الذي يقومون به، واختار 11 في المائة منهم اللعب واللهو وعدم القيام بأيّ شيء".
تعليم مشروط للفلسطينيين
لا يقتصر التلاميذ غير اللبنانيين على اللاجئين السوريين فقط، بل يُضاف التلاميذ اللاجئون من فلسطين واللاجئون الفلسطينيين النازحون من سورية إلى مشهد القطاع التعليمي في لبنان. وتتولى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تقديم الخدمات التعليمية لهؤلاء، وتقدّر أرقامها عدد التلاميذ للعام الدراسي 2016-2017، بنحو 38 ألف تلميذ من بينهم خمسة آلاف نازح من سورية.
وتعتمد الأونروا على المساعدات والهبات لفتح أبواب مدارسها أمام التلاميذ. وقد عمدت إلى زيادة عدد التلاميذ في الفصول، بسبب نقص التمويل الذي تعاني منه كل فروعها العاملة في لبنان والأردن وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة. ويبلغ العجز بحسب ما تعلن الوكالة 96.5 مليون دولار.
من جهتهم، يعاني المدرّسون الفلسطينيون من نقص التمويل، وقد سرّح العشرات منهم ووضع عدد آخر تحت "إجازة إجبارية غير مدفوعة" بعد رفضهم التوقيع على استقالات. ويبلغ عدد المدرّسين لدى الأونروا نحو ألف و460 مدرّساً، من بينهم 125 من فلسطينيّي سورية.