وسيطر الذهول والترقب على السوريين المقيمين في تركيا والمقدر عددهم بأكثر من مليونين ونصف المليون ينتشرون في غالبية المدن، وهم يتابعون أنباء انقلاب عسكري بدا للوهلة الأولى أنه فرض سيطرته على مقاليد الحكم في البلاد، التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين على مدى أكثر من خمس سنوات عقب اندلاع الثورة السورية، والحرب التي شنها النظام عليهم.
وتبادل الناشطون السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي الأنباء عن أدق تفاصيل الانقلاب. وبدا واضحاً حرص السوريين على عدم التدخل في شؤون البلد المستضيف. في حين عبر بعضهم عن تضامنه مع الشعب التركي.
وقال أبو محمد، وهو من مدينة حلب السورية، ومقيم حالياً في مدينة غازي عينتاب التركية، لـ"العربي الجديد"، "الله يحمي تركيا، هذه البلاد تستحق كل خير لاحتضانها ملايين السوريين، حيث نعيش هنا وكأننا في بلادنا".
ولم يستطع عدد كبير من السوريين إخفاء فرحتهم بفشل الانقلاب العسكري، وتنفسوا الصعداء، متخذين من وسائل التواصل منابر للتعبير عن ارتياحهم، خصوصاً أنهم عاشوا ساعات عصيبة قبل أن تتوارد أنباء عن عودة الأمور إلى طبيعتها في البلاد.
وخشي السوريون على مصيرهم في تركيا في حال نجاح الانقلاب العسكري واحتمال قيامه بتجييش الشارع ضدهم، مستحضرين تجربتهم المريرة في مصر منتصف عام 2013، حيث أدت السياسات التعسفية التي انتهجها الانقلابيون هناك تجاه السوريين إلى خروج عدد كبير منهم من مصر بعد رفع غطاء الدولة، وتعرض بعضهم لاعتداءات ممنهجة رعتها "جهات سيادية" لدفعهم إلى مغادرة البلاد.
وقالت سوزان وهي المقيمة في تركيا منذ سنوات عدّة، لـ"العربي الجديد"، "عشنا ليلة رهيبة، إذ لم يبق لنا إلا هذه البلاد ملاذا".
وتحولت وسائل إعلام نظام بشار الأسد، وقنوات عربية إلى مدعاة للتندر، والسخرية لدى السوريين إثر فشل الانقلاب. وكان لافتاً إعجاب السوريين بردة فعل الشعب التركي حيال الانقلاب، بحيث اجتمع مؤيدو رئيس رجب طيب أردوغان، ومعارضوه لحماية بلادهم، وإجهاض الانقلاب العسكري.
وكان "الائتلاف الوطني السوري" المعارض، الذي يتخذ من مدينة اسطنبول مقراً له، قد هنأ الشعب التركي على نجاحه "في الحفاظ على مؤسساته الديمقراطية".
وقال في بيان صدر السبت: "باسم الشعب السوري، يتقدم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بالتهنئة على نجاح الشعب التركي في الحفاظ على مؤسساته الديمقراطية في وجه محاولات ظلامية يائسة سعت للسيطرة على إرادة الشعب".
وأشار الائتلاف الى أن الشعب التركي الذي أدرك قيمة الحرية والديمقراطية وقطف ثمارها بنفسه، لن يسمح لمجموعة من الانقلابيين أن تنتزعه عبر محاولات يائسة تسعى لإعادة الحكم العسكري، والرجوع بالبلاد إلى عهود سابقة أنهكت الشعب التركي وسلبت حريته".
وأضاف: "لقد تمكن الشعب التركي خلال الساعات القليلة الماضية من إثبات جدارته بالتجربة الديمقراطية، كما فعل طيلة عشر سنوات مضت، وتمكن من تعزيز خياراته الحرة، مؤكداً قدرة تركيا وحكومتها وأحزابها على المضي في التجربة الديمقراطية".