ينصّ القانون الأفغاني بصراحة على توفير كلّ ما يحتاج إليه المواطن في المجال الصحي من خدمات ويُلزم الحكومة بذلك، إلا أنّ وزارة الصحة فرضت أخيراً على المواطنين رسوماً مالية في مقابل ما توفّره لهم من خدمات كالفحوصات والأدوية وغيرها بذريعة تقديمها لهم بطريقة أفضل. لكنّ المواطنين يرون في ذلك عبئاً عليهم ويطالبون الحكومة بإعادة النظر فيها لأنّها تخالف الدستور وتعدّ حملاً ثقيلاً على فقراء البلاد.
بعد تصويت البرلمان على مسوّدة القانون التي قدّمتها وزارة الصحة أخيراً، اعترض أعضاء في البرلمان على تلك الخطوة وعدّوها ظلماً على المواطنين الذين أثقلت الحروب والوضع المعيشي كاهلهم. كذلك لاقى الأمر شجب عدد كبير من رجال القانون والحقوقيين واستياءً من قبل المواطنين.
ظلم للفقراء
يقول رجل القانون القاضي كل رحمن إنّه "كان من المفروض أن تدخل الحكومة تعديلات على المادة 52 من الدستور قبل طرح القانون أمام البرلمان، التي تمنع فرض أيّ نوع من الرسوم في مقابل توفير الخدمات العامة من قبل الحكومة. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "تغيير المادة الثانية من الدستور وحدها لا يكفي لاتخاذ هذا القرار، إذ إنّ المادة رقم 52 تنصّ كذلك على توفير الخدمات الاجتماعية من دون أيّ تعويض وتلزم الحكومة بذلك. بالتالي فإنّ الحكومة لا تستطيع قانونياً أن تفرض أيّ رسوم على المواطنين". ويلفت إلى أنّ "الوضع المعيشي في البلاد يستدعي عدم القيام بمثل هذه الخطوة لأنّ الناس فقراء ولا يستطيعون تحمّل تلك الرسوم في الوقت الراهن، خصوصاً في المناطق النائية حيث مصدر الدخل الوحيد هو الزراعة، وقد دمّرتها الحرب".
ويدعو مواطنون أفغان التقتهم "العربي الجديد" الحكومة إلى إعادة النظر في القرار، ويدعون كذلك الشعب إلى عدم الاستجابة لها لأنّ الأمر ظلم لهم. يقول محمد كل أنّه "من واجب الحكومة تقديم الخدمات الصحية بأحسن طريقة ومن دون تحميل المواطن أيّ تعويض، لكنّها بخلاف ذلك فرضت علينا الرسوم في مقابل خدمات ناقصة". ويدعو كل الحكومة إلى "القضاء على الفساد والتركيز على محاربته، الأمر الذي يأتي أكثر نفعاً بالمقارنة مع فرض الرسوم على المواطنين الفقراء". ويضيف أنّ "قاصدي المستشفيات الحكومية هم من عامة الشعب وجلّهم فقراء لا يستطيعون الذهاب إلى مستشفيات خاصة نظراً إلى تكاليفها المرتفعة. وهذا ظلم في حقّ المواطنين الذين لطالما ظُلموا خلال الأعوام الماضية وحُرموا من أدنى مقوّمات الحياة".
اقــرأ أيضاً
القضاء على الفساد
من جهته، يقول وزير الصحة الدكتور فيروز الدين فيروز إنّ "ما فعلته الحكومة هو بهدف القضاء على الفساد. فالمواطنون يدفعون الأموال كرشاوى للحصول على خدمات أفضل. لذا قمنا بفرض الرسوم ليكون الأمر بطريقة قانونية، فيدفع المواطن بطريقة علنية، وفي المقابل نقدّم له أحسن الخدمات. وقد وضعنا آلية لذلك". وفي ما يتعلق بالمآخذ القانونية، يؤكد أنّ "القرار لا يعارض الدستور، بل عُدّل فيه قبل أن تُطرح مسوّدة القرار أمام البرلمان". ويسأل: "كيف تتّخذ الحكومة قراراً يعارض دستور البلاد صراحة؟".
ويوضح فيروز أنّ "الرسوم رمزية وليست ثقيلة مثلما روّجت له وسائل إعلامية. والوزارة سوف تحاول تقديم الخدمات الأفضل حتى لا يُضطر المواطن إلى التوجّه إلى المستشفيات الخاصة أو الانتقال إلى خارج البلاد لتلقي العلاج". ويشدّد على أنّ ثمّة استثناءات خاصة بالمعوزين وذوي الإعاقة وكبار السنّ والمعرّضين إلى الصدامات والأحداث الطبيعية والنازحين داخلياً وغيرهم. سوف تُقدّم لهؤلاء كل الخدمات في المستشفيات الحكومية مجاناً".
في السياق، يعدّ كل رحمن الحكومة "غير دستورية" ويرى أنّها "تتّخذ خطوات غير قانونية في مجالات كثيرة، ولعلّ فرض تلك الرسوم في قطاع الصحة ما هو سوى نموذج".
لكنّ فيروز يشدّد على أنّ "الحكومة عملت كثيراً وما زالت بهدف القضاء على الفساد. وفرض الرسوم جزء من تلك المساعي، إذ إنّ بسببه سوف يصبح دفع الأموال أمراً خاضعاً للقانون بعدما كان يأتي بصورة مغايرة".
خطوة مستحسنة
إلى ذلك، يرى أهل الخبرة والأطباء أنّ الأمر مستحسن شريطة أن تفي الحكومة بوعودها، خصوصاً في ما يتعلق بمستوى الخدمات، إذ إنّه متدنّ للغاية في المستشفيات الحكومية. لذلك لا يقصدها سوى الفقراء والذين لا يحتملون الذهاب إلى مستشفيات خاصة. ويقول الدكتور محمد عبد الله لـ "العربي الجديد" إنّ الحكومة في حال تمكّنت من تغيير الوضع القائم في المستشفيات حالياً بعد اتخاذ ذلك، فإنّ ذلك يُعَدّ عملاً جيداً ونحن نشجّعه. فتلك الرسوم ليست إلا رمزية، في حين أنّ الخدمات الأفضل هي مطلب الجميع".
لكنّ عبد الله يشير إلى أنّه "في حال كانت وعود الحكومة مجرّد حبر على ورق، فإنّ الرسوم ولو كانت رمزية تُعدّ حملاً ثقيلاً على المواطنين، وهم بأكثرهم فقراء لا يملكون شيئاً". يضيف أنّه "نظراً إلى مساعي الحكومة لمواجهة الفساد، يبدو الأمر أنّها قادرة على تقديم أفضل الخدمات، لا سيّما وأنّ ثمّة تغيّرات كثيرة حدثت في قطاع الصحة. وهذا ما لم نكن نتوقّعه في هذه الفترة القصيرة لولا إرادة الحكومة".
اقــرأ أيضاً
بعد تصويت البرلمان على مسوّدة القانون التي قدّمتها وزارة الصحة أخيراً، اعترض أعضاء في البرلمان على تلك الخطوة وعدّوها ظلماً على المواطنين الذين أثقلت الحروب والوضع المعيشي كاهلهم. كذلك لاقى الأمر شجب عدد كبير من رجال القانون والحقوقيين واستياءً من قبل المواطنين.
ظلم للفقراء
يقول رجل القانون القاضي كل رحمن إنّه "كان من المفروض أن تدخل الحكومة تعديلات على المادة 52 من الدستور قبل طرح القانون أمام البرلمان، التي تمنع فرض أيّ نوع من الرسوم في مقابل توفير الخدمات العامة من قبل الحكومة. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "تغيير المادة الثانية من الدستور وحدها لا يكفي لاتخاذ هذا القرار، إذ إنّ المادة رقم 52 تنصّ كذلك على توفير الخدمات الاجتماعية من دون أيّ تعويض وتلزم الحكومة بذلك. بالتالي فإنّ الحكومة لا تستطيع قانونياً أن تفرض أيّ رسوم على المواطنين". ويلفت إلى أنّ "الوضع المعيشي في البلاد يستدعي عدم القيام بمثل هذه الخطوة لأنّ الناس فقراء ولا يستطيعون تحمّل تلك الرسوم في الوقت الراهن، خصوصاً في المناطق النائية حيث مصدر الدخل الوحيد هو الزراعة، وقد دمّرتها الحرب".
ويدعو مواطنون أفغان التقتهم "العربي الجديد" الحكومة إلى إعادة النظر في القرار، ويدعون كذلك الشعب إلى عدم الاستجابة لها لأنّ الأمر ظلم لهم. يقول محمد كل أنّه "من واجب الحكومة تقديم الخدمات الصحية بأحسن طريقة ومن دون تحميل المواطن أيّ تعويض، لكنّها بخلاف ذلك فرضت علينا الرسوم في مقابل خدمات ناقصة". ويدعو كل الحكومة إلى "القضاء على الفساد والتركيز على محاربته، الأمر الذي يأتي أكثر نفعاً بالمقارنة مع فرض الرسوم على المواطنين الفقراء". ويضيف أنّ "قاصدي المستشفيات الحكومية هم من عامة الشعب وجلّهم فقراء لا يستطيعون الذهاب إلى مستشفيات خاصة نظراً إلى تكاليفها المرتفعة. وهذا ظلم في حقّ المواطنين الذين لطالما ظُلموا خلال الأعوام الماضية وحُرموا من أدنى مقوّمات الحياة".
من جهته، يقول وزير الصحة الدكتور فيروز الدين فيروز إنّ "ما فعلته الحكومة هو بهدف القضاء على الفساد. فالمواطنون يدفعون الأموال كرشاوى للحصول على خدمات أفضل. لذا قمنا بفرض الرسوم ليكون الأمر بطريقة قانونية، فيدفع المواطن بطريقة علنية، وفي المقابل نقدّم له أحسن الخدمات. وقد وضعنا آلية لذلك". وفي ما يتعلق بالمآخذ القانونية، يؤكد أنّ "القرار لا يعارض الدستور، بل عُدّل فيه قبل أن تُطرح مسوّدة القرار أمام البرلمان". ويسأل: "كيف تتّخذ الحكومة قراراً يعارض دستور البلاد صراحة؟".
ويوضح فيروز أنّ "الرسوم رمزية وليست ثقيلة مثلما روّجت له وسائل إعلامية. والوزارة سوف تحاول تقديم الخدمات الأفضل حتى لا يُضطر المواطن إلى التوجّه إلى المستشفيات الخاصة أو الانتقال إلى خارج البلاد لتلقي العلاج". ويشدّد على أنّ ثمّة استثناءات خاصة بالمعوزين وذوي الإعاقة وكبار السنّ والمعرّضين إلى الصدامات والأحداث الطبيعية والنازحين داخلياً وغيرهم. سوف تُقدّم لهؤلاء كل الخدمات في المستشفيات الحكومية مجاناً".
في السياق، يعدّ كل رحمن الحكومة "غير دستورية" ويرى أنّها "تتّخذ خطوات غير قانونية في مجالات كثيرة، ولعلّ فرض تلك الرسوم في قطاع الصحة ما هو سوى نموذج".
لكنّ فيروز يشدّد على أنّ "الحكومة عملت كثيراً وما زالت بهدف القضاء على الفساد. وفرض الرسوم جزء من تلك المساعي، إذ إنّ بسببه سوف يصبح دفع الأموال أمراً خاضعاً للقانون بعدما كان يأتي بصورة مغايرة".
خطوة مستحسنة
إلى ذلك، يرى أهل الخبرة والأطباء أنّ الأمر مستحسن شريطة أن تفي الحكومة بوعودها، خصوصاً في ما يتعلق بمستوى الخدمات، إذ إنّه متدنّ للغاية في المستشفيات الحكومية. لذلك لا يقصدها سوى الفقراء والذين لا يحتملون الذهاب إلى مستشفيات خاصة. ويقول الدكتور محمد عبد الله لـ "العربي الجديد" إنّ الحكومة في حال تمكّنت من تغيير الوضع القائم في المستشفيات حالياً بعد اتخاذ ذلك، فإنّ ذلك يُعَدّ عملاً جيداً ونحن نشجّعه. فتلك الرسوم ليست إلا رمزية، في حين أنّ الخدمات الأفضل هي مطلب الجميع".
لكنّ عبد الله يشير إلى أنّه "في حال كانت وعود الحكومة مجرّد حبر على ورق، فإنّ الرسوم ولو كانت رمزية تُعدّ حملاً ثقيلاً على المواطنين، وهم بأكثرهم فقراء لا يملكون شيئاً". يضيف أنّه "نظراً إلى مساعي الحكومة لمواجهة الفساد، يبدو الأمر أنّها قادرة على تقديم أفضل الخدمات، لا سيّما وأنّ ثمّة تغيّرات كثيرة حدثت في قطاع الصحة. وهذا ما لم نكن نتوقّعه في هذه الفترة القصيرة لولا إرادة الحكومة".