أثار مقطع فيديو يوثّق لتعنيف رئيس جمعية تُعنى بالأطفال المصابين بداء التوحد بمدينة تارودانت، الواقعة جنوب المغرب، لشقيقته المريضة بهذا الاضطراب السلوكي، سجالاً وامتعاضاً لدى متابعين ونشطاء مغاربة نددوا بهذا السلوك العنيف الصادر من ناشط جمعوي إزاء شقيقته التوحدية.
وظهر في التسجيل المرئي رئيس جمعية البسمة لأطفال التوحد بمنطقة أولاد تايمة، وهو يتصرف بشكل عنيف إزاء أخته التلميذة بمدرسة رابعة العدوية، وكان يحاول إرغامها على ولوج قسم مخصص لإدماج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، قبل أن يضربها برجله ويعمد إلى ركلها لما رفضت ولوج الفصل الدراسي.
هذا الحادث الذي تم تسجيله وبُث بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، أثار ردود فعل غاضبة من طرف معلقين ومتابعين مغاربة، استنكر أغلبهم تصرف الناشط إزاء أخته المريضة بالتوحد، باعتبار أن الأجدر أن يصون حقوق أطفال التوحد، لا أن ينتهكها ويعتدي عليها في رحاب مؤسسة تربوية.
وتساءل بعضهم عن جدوى إنشاء جمعيات ترفع شعار الدفاع عن حقوق أطفال التوحد بالمغرب، فيما يتصرف المسؤولون عنها بطريقة لا تنم عن احترام هذه الفئة من المرضى، فيما طالب بعضهم الآخر بالتحقيق في ما حدث، والالتفات إلى أوضاع الأطفال المصابين باضطرابات التوحد، وما تعانيه أسرهم من أعباء نفسية ومادية.
ودخلت وزارة التربية الوطنية على خط هذه القضية، باعتبار أنها جرت في فضاء مؤسسة تعليمية، وندّدت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بتارودانت، بما تعرضت له التلميذة المصابة بالتوحد داخل المدرسة الابتدائية، معتبرة أنه تصرف "لا يمت بصلة إلى أسس التربية".
وشدّدت الوزارة على أنها "سوف تتعامل بصرامة مع مثل هذه التصرفات اللاتربوية"، وأنها ستعمل على "تعميق البحث والتقصي في هذه الواقعة، في أفق اتخاذ الإجراءات اللازمة في حق كل من ساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في هذا الفعل الشنيع"، وفق تعبير البيان.
ولفت المصدر إلى أن "التلميذة المعنفة تدرس بقسم الدمج المدرسي الخاص بأطفال التوحد، تؤطرهم جمعية بسمة للأطفال التوحديين بنفس المؤسسة، وذلك في إطار اتفاقية شراكة في مجال تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة"، مضيفاً أن التلميذة هي "أخت شقيقة رئيس الجمعية المتهم بالتعنيف".
وقالت إيمان حادوش، سفيرة داء التوحد في حملة المرأة العربية، تحت مظلة جامعة الدول العربية، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ مقطع الفيديو المتداول بكثافة منذ يوم أمس، يفضح متاجرة بعض الجمعيات بقضية التوحد في المغرب، بعيداً عن الإنسانية والعمل الاجتماعي".
ولفتت حادوش الانتباه إلى أن بلاغ الجمعيات الناطقة باسم التوحد بالمغرب جاء شاحباً وهزيلاً، واكتفى بالتنديد والاستنكار، والتذكير بالتدابير وآليات تفعيلها، في الوقت الذي يجب على من يتحمل رسمياً مسؤولية تمثيل هذه القضية تفعيل تلك الآليات" على حد تعبيرها.
واسترسلت الناشطة: "إن المسؤولين في عين المكان، قاموا بدورهم وفتحوا تحقيقاً، إلا أن القضية أبانت عن فراغ قانوني ومؤسساتي، مبرزة أن الملف مسكوت عنه من طرف الجميع؛ مجتمعاً، وجمعيات، ووزارات وصية"، قبل أن تؤكد أن "التوحد هو القضية اللقيطة التي لا تجد من يتبناها".