بعضهم لا يعرف للمال قيمة، خصوصاً من لم يجربوا النهوض باكراً للتوجه إلى العمل، أو قضاء الوقت في الزحام وضغوط العمل، هؤلاء ينظرون إلى الألف دينار جزائري على أنها ورقة "لا تسمن ولا تغني من جوع"، وبعضهم ينفقها للحصول على رصيد الهاتف المحمول أو ركوب سيارة أجرة من وسط العاصمة الجزائرية إلى ساحل "الصابلات"، حيث يرجع لك سائق الأجرة 220 ديناراً متبقية قد تدفعها لاحقاً في كوب قهوة وقارورة ماء، بحسب قول الثلاثيني الجزائري جمال سعدي لـ"العربي الجديد".
في المقابل، ينظر بعضهم من ذوي الدخل الضعيف، وخصوصاً موظفي عقود ما قبل التشغيل، إلى مبلغ الألف دينار باعتبارها أجر يومين من العمل لمدة 16 ساعة، بينما تراها ربة بيت لا تعمل "ورقة يخرجها ابنها الموظف أو زوجها ليقدمها لها كعربون محبة".
فئة الألف دينار لها قيمة خاصة عند الكادحين في الجزائر، يعتبرها العامل قيمة الكد والجهد تحت حرارة الشمس، مثلما يقول هواري بن سليمان لـ"العربي الجديد"، وهو يشتغل في شركة للبناء والطرق، ومتزوج ولديه طفلان.
يقول إنه يشتغل في الشركة منذ أكثر من 15 سنة، لكنها "خبزة مرة"، وإن لقمة العيش صعبة المنال، وبخاصة في الظروف الجوية السيئة. يبدأ بن سليمان عمله في الساعات الأولى من الصباح ولساعات طويلة، لكن في نهاية الشهر تذهب الأجرة الشهرية إلى سداد الديون لدى البقالة وبائع الخضار ومصاريف الكهرباء والغاز، إضافة إلى مصاريف زيارة الأهل وهدايا المناسبات، وخصوصاً في موسم الصيف الذي يعد موسم الأعراس.
ويضيف: "الزوجة لا تقدر معنى أن أعطيها 5 آلاف دينار، هذه قيمة شغل عشرة أيام أو أكثر، ما يحس بالجمرة غير اللي كواتو".
وينطبق المثل الشعبي على كل العاملين في المناطق الصحراوية الذين ينتظرون الأجرة الشهرية بأربعة عيون، كما يوصف المتلهف لقبض أجرته في نهاية أيام وليالي العمل، حيث ترتبط الأوراق النقدية في الجزائر بما يمكنها أن تشتريه.
ويعتبر كثيرون هذا المبلغ زهيداً، يقول عصام (28 سنة) لـ"العربي الجديد" بتهكم: "ماذا تمثل هذه الورقة؟ إنها ليست مائة ألف، ربما لها قيمة فقط عند الآلاف من العمال الذين يكدون من أجل كسب تلك الورقة للحصول على اللقمة الحلال، بينما يراها آخرون مثل غلاف حبة حلوى، فينفقونها في شرب قهوة مع سيجارة".