لا تنحصر المعاناة المستمرة التي يعيشها اللاجئون السوريون في مخيم الأزرق الأردني بتردي نوعية الحياة، من عدم توفر الكهرباء إلى دورات المياه المشتركة، بل تتعداها إلى تعرضهم للاستغلال من جانب السوق التجاري، "المول"، الوحيد المرخص له بالعمل في المخيم.
"حرامي مول"، هو الاسم الذي يطلقه السوريون على السوق التجاري التابع لأشهر "مول" في الأردن، والذي حاز على حصرية البيع في المخيم بعد أن تقدم بعرض أسعار منافس، لكنه لم يكتفِ بعدم الالتزام بها، بل صار يبيع مواد غذائية منتهية الصلاحية أو غير صالحة للاستهلاك بسبب سوء تخزينها.
ويوضح لاجئون سوريون لـ"العربي الجديد"، أن المول يبيع السلع المنزلية والمواد التموينية والخضار بثلاثة أضعاف سعرها في السوق الأردني، عدا تلاعبه بفواتير الأسعار بين ما يحتسبه على اللاجئين حقيقة وما يقدمه من فواتير لبرنامج الأغذية العالمي، قائلين إنهم تقدموا بملاحظات عديدة لإدارة المول وبرنامج الغذاء العالمي، دون جدوى.
وقالوا إن إدارة المول تتعمّد عدم إعلان أسعار السلع والخضروات بشكل واضح، ليتفاجأ بها اللاجئون على صناديق المحاسبة، مشيرين إلى أن أسعاره تنخفض إلى الثلث مع كل زيارة أممية أو حكومية للمخيم، لتعود بعد انقضاء الزيارة إلى ما كانت عليه.
ويقول اللاجئ من مدينة إدلب، محمد إسماعيل، حيث يقيم وزوجته وأبناؤه الثلاثة في كارافان تبلغ درجة الحرارة داخله أكثر من 45 مئوية من دون تبريد لعدم توفر الكهرباء، إنه تفاجأ بأن أسعار السلع والمواد في فروع المول المنتشرة في الأردن أقل بكثير من أسعار فرع المخيم، وهي مفارقة لا يقدر إسماعيل على تفسيرها.
اقرأ أيضاً: مخيم الزعتري.. حان موعد العودة إلى سورية
أما اللاجئ عبد المنعم محمد، فقال إن المول لا يكتفي بالبيع بأسعاره الفلكية، بل وبيع مواد غير صالحة للاستهلاك البشري، كاللحوم المجمّدة التي تعرّضت للتذويب والتجميد المتكرر، مضيفا أنه اشتكى لإدارة المول مرات عدة، فكان ردها "هذا الموجود ومش عاجبك اعمل اللي بدك ياه". وأضاف أن إيقاف السلة الغذائية التي كانت توفرها المنظمات الأممية لكل فرد، فاقم من معاناة اللاجئين مع المول. ويُصرف حالياً 20 ديناراً لكل لاجئ فقط.
وقال اللاجئ رياض عبدو إن معظم اللاجئين في المخيم كانوا يضطرون سابقاً لبيع المساعدات العينية بثمن زهيد للحصول على النقود، أما الآن فهم ينفقون مخصصاتهم المالية على شراء السلع الأساسية، ولا سيما المواد التموينية والخضار والفواكه ومواد التنظيف الشخصية والمنزلية. وتعليقاً على ارتفاع أسعار المول، ردّ بابتسامة تعكس مدى مرارته وقال: "لتوقف إدارة المول بث القرآن الكريم والأناشيد ما دامت مصرّة على استغلال اللاجئين".
وحاول "العربي الجديد" متابعة شكوى اللاجئين مع إدارة المول، إلا أن ردها لم يتجاوز التبريرات الساذجة، منها عدم القدرة على إعلان الأسعار بسبب تذبذبها انخفاضاً وارتفاعاً، أو أن تغيّر الأسعار على أجهزة المحاسبة "الباركود" يتطلب حضور موظف مختص من إدارة المول من العاصمة عمّان.
واعتبر ممثل أممي في المخيم أن برنامج الأغذية العالمي يراقب الأسعار ويتلقى شكاوى اللاجئين ويقوم بمتابعتها، غير أن لاجئين سوريين قاطعوا كلامه وقالوا بأنهم لم يلمسوا أي تغيير منذ أن تقدموا بشكاوى.
ويقطن مخيم الأزرق للاجئين السوريين نحو 18 ألفاً يعيشون على مساحة 14.7 كيلومتراً مربعاً، ويشتمل على 8029 وحدة سكنية (كرافان)، ومستشفى يحوي 130 سريراً، ومدرستين تتسع كل منهما لخمسة آلاف طالب وطالبة على فترتين.
اقرأ أيضاً: مفوضية اللاجئين تعد خطة للتعامل مع الشتاء بالأردن