لا أحد يستطيع إلزام ممرّضات وممرّضين بالكشف عن هويّاتهم كاملة، لا سيّما وأنّهم مهدّدون من قبل مرضى يقدّمون لهم الرعاية الطبية في المستشفيات. ضغط العمل كبير عليهم، وتأتي التهديدات لتزيد الأمور سوءاً في الدنمارك
"هذا الضغط قد يؤدّي إلى وفاة مرضى". أخيراً، رفعت نقابة الممرضين الصوت عالياً إزاء ظروف العمل الضاغطة على الموظفين في المستشفيات الدنماركية، والتي راحت تفرض واقعاً يجعل "العلاقة متوترة بين المرضى ومقدّمي الرعاية". وتلك الظروف كانت قد أنتجتها سياسات الحكومة (يمين وسط) على خلفية التقشّف المعتمد من قبلها، فبات عدد الممرضات والممرضين لا يلبّي الحاجات التي يستلزمها عدد المرضى، الأمر الذي وضعهم في ما يشبه مأزقاً مع هؤلاء وأهلهم. وراحوا يتأخّرون في تأمين العلاج لهؤلاء، الأمر الذي دفع الأخيرين وأهلهم إلى تهديدهم وملاحقتهم.
ويبدو أنّ بيئة العمل الضاغطة، وعدد الممرّضين القليل قياساً بعدد المرضى، دفعا عدداً كبيراً من الممرضات والممرضين إلى نزع أسماء شهرتهم عن أردية العمل بعد تزايد المضايقات والتهديدات اليومية في مستشفيات جنوب يوتلاند، المحاذية لألمانيا. وتشرح الممرضة المخضرمة في قسم طوارئ مستشفى "جنوب غرب"، يانا توت، في تصريح للتلفزيون الدنماركي أنّ الاكتفاء بأسمائهم الأولى يأتي "بعد تلقي تهديدات من بعض المرضى غير الراضين عن أداء عملنا. ثمّة أشخاص يظنّون أنّهم إذا توجّهوا إلى بيوتنا فإنّهم سوف يحصلون على مرادهم". تضيف أنّ "بعض هؤلاء بحثوا بالفعل عن عناوين سكننا من خلال أسمائنا المعلقة على صدرونا".
من جهته، يؤكّد مدير الموارد البشرية في مستشفيات جنوب البلاد، ثوركيلد كريستيانسن، أنّ "الموظفين عاشوا بالفعل ظروفاً لا تطاق تحت التهديد والقلق، بعدما توجّه إليهم مرضى وأهلهم قائلين إنّهم يعرفون أين يقطنون، وفي ذلك تهديد مبطّن. لذا اختار الممرّضون وغيرهم من الموظفين أن تكون أسماء شهرتهم مجهولة".
اقــرأ أيضاً
ويفيد تقرير يتابع بيئة عمل المستشفيات بأنّه وعلى الرغم من عدم حصول المرضى وأهاليهم على الاسم الكامل "فإنّه من المهم كذلك أن يعرف المريض - وأهله - طبيعة دور الموظف، سواءً أكان موظفاً إدارياً أو ممرضاً أو معالجاً أو طبيباً. فهذا حقّه. وفي الوقت نفسه، من المهم أن يفهم المريض - وأهله - كذلك كيف يحترم أمن الموظفين وسلامتهم حتى يتمكّنوا من تأدية واجباتهم بصورة مثلى".
لكنّ الواقع يبيّن أنّ المرضى غير الراضين، وأحياناً أهلهم وأقرباءهم، يبحثون عن الحياة الشخصية لمقدّمي الرعاية، كأنّهم يقولون إنّ إخفاء اسم الشهرة لن يثنيهم عمّا يريدون فعله نتيجة "تقصير" المعنيين. وفي السياق، تشير ممرضة اكتفت بالتعريف عن نفسها باسم ميتا، إلى أنّ "غوغل يساهم في وصول الناس إلينا. ليس صعباً البحث عن تفاصيل حياتنا الشخصية عبر التواصل الإلكتروني، وهذا أمر محبط".
في المقابل، يبدو الأمر مختلفاً في أقسام مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، إذ يلتزم الجميع بتعليق الاسم كاملاً على صدره. وقد أكدت مديرة "مستشفى الأمراض العصبية والنفسية في الجنوب"، شارولته يوسيفين، أنّ "الفلسفة هنا مختلفة"، موضحة أنّ "المسألة ترتبط بالأخلاقيات. الجميع يبرز اسمه كاملاً، حرصاً على الوضع النفسي للمرضى وأهلهم. فالثقة هنا هي أساس العلاج والمدخل إليه".
ويعلّق نقيب الممرضين والعاملين في قطاع الصحة في جنوب البلاد، جون كريستيانسن، على الأمر قائلاً إنّه "بالنسبة إلى الدنماركيين، من غير الاعتيادي أن يكون الأصحاء نفسياً سبباً في الشعور بالتهديد، بينما الذين أُدخلوا إلى مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية غير ذلك". ويرى أنّه "من الضروري بالنسبة إلى المرضى احترام موظفي المستشفيات. وفي المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية، فإنّ الاحترام أكثر أهمية وكذلك إظهار الاسم كاملاً لكسب مصداقية في العلاج وإبقاء المهنية في مستوياتها العالية".
ويثير اختيار الممرّضات والممرّضين إخفاء أسماء شهرتهم في مناطق جنوب البلاد، جدالاً. فثمّة خبراء يعارضون ذلك في مجال الرعاية الصحية، مشدّدين على أنّ العلاقة في هذا المجال يجب أن تبقى قائمة على الثقة والاحترام المتبادلَين. وتمنع أقاليم أخرى في الدنمارك اقتداء ممرّضات وممرّضين بزملائهم في الجنوب، مشدّدة على أنّ القوانين تقول بحقّ المريض في معرفة الاسم الكامل للشخص الذي يتعامل معه في العيادات والمستشفيات، وبحقّه في قراءة ملفّه الطبي كاملاً من دون معوّقات، على أن يحتوي الملفّ أسماء الأشخاص الذين تعاملوا معه ووظائفهم.
لكنّ المعضلة الدنماركية الجديدة تكمن في أنّ تهديدات بالانتقام طاولت ممرّضات في المنطقة الجنوبية. وهنا يشدّد نقيب الممرضين جون كريستانسن على أنّه "لا داعي للتهديد. فنظام الطبابة يعطي أيّ شخص الحقّ في تقديم شكوى رسمية من دون اللجوء إلى الترهيب". من جهته، يشير مدير الموارد البشرية ثوركيلد كريستيانسن إلى أنّ موافقة الموارد البشرية وقطاع الصحة في جنوب الدنمارك على عدم الكشف عن الاسم كاملاً يأتي كحلّ مؤقّت "ريثما يجري حلّ التهديدات المتزايدة، وتفادياً لتنفيذها بحقّ موظفينا".
اقــرأ أيضاً
في سياق متصل، يبدو الشارع الدنماركي مصدوماً بالأخبار التي تتناول التهديدات في القطاع الصحي، وقد راح المواطنون يعبّرون عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، يرى بنت هورسهاوغ وهو مدرّس في كلية التجارة، أنّ الأمر "مؤسف وغريب. وأظنّ أنّ من لا يحترم العلاج يجب وضعه في أسفل لوائح الانتظار". أمّا ماريا كفولبايلك وهي أستاذة في الاقتصاد، فتعبّر عن أسفها "لغياب الاحترام للرداء الأبيض. شيء مخيف بالفعل. هذا قطاع صحي لعلاج البشر ويحتاج إلى ثقة متبادلة كأداة من أبرز أدوات العلاج". إلى ذلك، راح بعض الناشطين على مواقع التواصل ينتقدون "شيوع فكر الانتقام في المجتمع"، إذ إنّ ذلك بحسب ينس كروسغوورد "يخلق جواً غير صحي في العلاقات بين الناس".
"هذا الضغط قد يؤدّي إلى وفاة مرضى". أخيراً، رفعت نقابة الممرضين الصوت عالياً إزاء ظروف العمل الضاغطة على الموظفين في المستشفيات الدنماركية، والتي راحت تفرض واقعاً يجعل "العلاقة متوترة بين المرضى ومقدّمي الرعاية". وتلك الظروف كانت قد أنتجتها سياسات الحكومة (يمين وسط) على خلفية التقشّف المعتمد من قبلها، فبات عدد الممرضات والممرضين لا يلبّي الحاجات التي يستلزمها عدد المرضى، الأمر الذي وضعهم في ما يشبه مأزقاً مع هؤلاء وأهلهم. وراحوا يتأخّرون في تأمين العلاج لهؤلاء، الأمر الذي دفع الأخيرين وأهلهم إلى تهديدهم وملاحقتهم.
ويبدو أنّ بيئة العمل الضاغطة، وعدد الممرّضين القليل قياساً بعدد المرضى، دفعا عدداً كبيراً من الممرضات والممرضين إلى نزع أسماء شهرتهم عن أردية العمل بعد تزايد المضايقات والتهديدات اليومية في مستشفيات جنوب يوتلاند، المحاذية لألمانيا. وتشرح الممرضة المخضرمة في قسم طوارئ مستشفى "جنوب غرب"، يانا توت، في تصريح للتلفزيون الدنماركي أنّ الاكتفاء بأسمائهم الأولى يأتي "بعد تلقي تهديدات من بعض المرضى غير الراضين عن أداء عملنا. ثمّة أشخاص يظنّون أنّهم إذا توجّهوا إلى بيوتنا فإنّهم سوف يحصلون على مرادهم". تضيف أنّ "بعض هؤلاء بحثوا بالفعل عن عناوين سكننا من خلال أسمائنا المعلقة على صدرونا".
من جهته، يؤكّد مدير الموارد البشرية في مستشفيات جنوب البلاد، ثوركيلد كريستيانسن، أنّ "الموظفين عاشوا بالفعل ظروفاً لا تطاق تحت التهديد والقلق، بعدما توجّه إليهم مرضى وأهلهم قائلين إنّهم يعرفون أين يقطنون، وفي ذلك تهديد مبطّن. لذا اختار الممرّضون وغيرهم من الموظفين أن تكون أسماء شهرتهم مجهولة".
ويفيد تقرير يتابع بيئة عمل المستشفيات بأنّه وعلى الرغم من عدم حصول المرضى وأهاليهم على الاسم الكامل "فإنّه من المهم كذلك أن يعرف المريض - وأهله - طبيعة دور الموظف، سواءً أكان موظفاً إدارياً أو ممرضاً أو معالجاً أو طبيباً. فهذا حقّه. وفي الوقت نفسه، من المهم أن يفهم المريض - وأهله - كذلك كيف يحترم أمن الموظفين وسلامتهم حتى يتمكّنوا من تأدية واجباتهم بصورة مثلى".
لكنّ الواقع يبيّن أنّ المرضى غير الراضين، وأحياناً أهلهم وأقرباءهم، يبحثون عن الحياة الشخصية لمقدّمي الرعاية، كأنّهم يقولون إنّ إخفاء اسم الشهرة لن يثنيهم عمّا يريدون فعله نتيجة "تقصير" المعنيين. وفي السياق، تشير ممرضة اكتفت بالتعريف عن نفسها باسم ميتا، إلى أنّ "غوغل يساهم في وصول الناس إلينا. ليس صعباً البحث عن تفاصيل حياتنا الشخصية عبر التواصل الإلكتروني، وهذا أمر محبط".
في المقابل، يبدو الأمر مختلفاً في أقسام مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، إذ يلتزم الجميع بتعليق الاسم كاملاً على صدره. وقد أكدت مديرة "مستشفى الأمراض العصبية والنفسية في الجنوب"، شارولته يوسيفين، أنّ "الفلسفة هنا مختلفة"، موضحة أنّ "المسألة ترتبط بالأخلاقيات. الجميع يبرز اسمه كاملاً، حرصاً على الوضع النفسي للمرضى وأهلهم. فالثقة هنا هي أساس العلاج والمدخل إليه".
ويعلّق نقيب الممرضين والعاملين في قطاع الصحة في جنوب البلاد، جون كريستيانسن، على الأمر قائلاً إنّه "بالنسبة إلى الدنماركيين، من غير الاعتيادي أن يكون الأصحاء نفسياً سبباً في الشعور بالتهديد، بينما الذين أُدخلوا إلى مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية غير ذلك". ويرى أنّه "من الضروري بالنسبة إلى المرضى احترام موظفي المستشفيات. وفي المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية، فإنّ الاحترام أكثر أهمية وكذلك إظهار الاسم كاملاً لكسب مصداقية في العلاج وإبقاء المهنية في مستوياتها العالية".
ويثير اختيار الممرّضات والممرّضين إخفاء أسماء شهرتهم في مناطق جنوب البلاد، جدالاً. فثمّة خبراء يعارضون ذلك في مجال الرعاية الصحية، مشدّدين على أنّ العلاقة في هذا المجال يجب أن تبقى قائمة على الثقة والاحترام المتبادلَين. وتمنع أقاليم أخرى في الدنمارك اقتداء ممرّضات وممرّضين بزملائهم في الجنوب، مشدّدة على أنّ القوانين تقول بحقّ المريض في معرفة الاسم الكامل للشخص الذي يتعامل معه في العيادات والمستشفيات، وبحقّه في قراءة ملفّه الطبي كاملاً من دون معوّقات، على أن يحتوي الملفّ أسماء الأشخاص الذين تعاملوا معه ووظائفهم.
لكنّ المعضلة الدنماركية الجديدة تكمن في أنّ تهديدات بالانتقام طاولت ممرّضات في المنطقة الجنوبية. وهنا يشدّد نقيب الممرضين جون كريستانسن على أنّه "لا داعي للتهديد. فنظام الطبابة يعطي أيّ شخص الحقّ في تقديم شكوى رسمية من دون اللجوء إلى الترهيب". من جهته، يشير مدير الموارد البشرية ثوركيلد كريستيانسن إلى أنّ موافقة الموارد البشرية وقطاع الصحة في جنوب الدنمارك على عدم الكشف عن الاسم كاملاً يأتي كحلّ مؤقّت "ريثما يجري حلّ التهديدات المتزايدة، وتفادياً لتنفيذها بحقّ موظفينا".
في سياق متصل، يبدو الشارع الدنماركي مصدوماً بالأخبار التي تتناول التهديدات في القطاع الصحي، وقد راح المواطنون يعبّرون عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، يرى بنت هورسهاوغ وهو مدرّس في كلية التجارة، أنّ الأمر "مؤسف وغريب. وأظنّ أنّ من لا يحترم العلاج يجب وضعه في أسفل لوائح الانتظار". أمّا ماريا كفولبايلك وهي أستاذة في الاقتصاد، فتعبّر عن أسفها "لغياب الاحترام للرداء الأبيض. شيء مخيف بالفعل. هذا قطاع صحي لعلاج البشر ويحتاج إلى ثقة متبادلة كأداة من أبرز أدوات العلاج". إلى ذلك، راح بعض الناشطين على مواقع التواصل ينتقدون "شيوع فكر الانتقام في المجتمع"، إذ إنّ ذلك بحسب ينس كروسغوورد "يخلق جواً غير صحي في العلاقات بين الناس".