بعدما خسر شبّان سوريون كلّ شيء في وطن تركوه خلفهم يشتعل بحرب مدمّرة، ها هم في لندن يحاولون لملمة جراحهم ورواية حكاياتهم، علّ في ذلك عبرة تدفع صانعي الحروب إلى وقفها
"لا تختلف سورية كثيراً عن لندن" هكذا يبدأ أحمد، الشاب السوري الذي وصل إلى بريطانيا بعد معاناة، كلامه. قصته بدورها لا تختلف عن قصص ملايين السوريين الذين شرّدتهم الحرب الدائرة في بلادهم. مع ذلك، كان أحمد أوفر حظاً من آخرين ابتلعهم البحر أو قضوا داخل شاحنات أثناء محاولتهم الفرار إلى بريطانيا.
قصة الشاب السوري جاءت ضمن مشروع "حكايتنا" الذي أطلقه الناشط السوري سليمان عثمان، هذا العام. في إطاره، يروي أحمد حكايته أمام حضور ينتابه الصمت، وينصت إلى صوت الشاب الذي يتراوح بين الصدمة والحزن والخوف والألم والأمل.
تلامس معاناة أحمد مشاعر الحضور، حين يروي عن حياته الجميلة في سورية، حيث كان يذهب إلى الجامعة والسينما ويلتقي بالأصدقاء. يلفت إلى أنّها كانت مشابهة للحياة في لندن، إلى أن بدأت الحرب عام 2011.
يروي بعينين دامعتين كيف كان طالباً جامعياً يومها، عندما قُتل صديقه لأنّه كردي ولد بهوية لم يخترها. يتابع أنّ الأوضاع ساءت بشدة عام 2013، وهاجم قريته متطرّفون، فتصدّى لهم أصدقاؤه من شباب القرية الذين لم يحملوا السلاح يوماً. لكنّهم قاتلوا بشجاعة على مدى أسبوعين أو ثلاثة، حتى سقطوا وقطعت رؤوسهم.
عن المرة الأولى التي رأى فيها الدماء، يقول إنّها كانت حين سقطت قنبلة وسط ملعب مدرسته السابقة، وحوّلت أجساد أكثر من ثلاثين طفلاً إلى أشلاء. يومها أحس نفسه عاجزاً عن فعل شيء فجلس في الأرض يبكي. بدأ بسبب الحادثة في توجيه انتقاداته على وسائل التواصل الاجتماعي، فتلقّى تحذيرات أرغمته على الرحيل عن منطقته. اعتقد أحمد أنّه سيعود بعد أسبوع أو أسبوعين حين تهدأ الأمور، لكنّ رحلته طالت فانتقل من منطقة إلى أخرى وذهب من جحيم سورية إلى جحيم العراق.
بجواز سفر بلغاري دخل أحمد إلى فرنسا. كاليه كان أسوأ مخيّمات اللجوء التي اختبرها. كان يحاول الفرار منه إلى بريطانيا. رأى الموت هناك حين وضعه أحد المهرّبين في شاحنة مع سبعة آخرين من بينهم طفل، للعبور إلى بريطانيا. كانت الشاحنة مليئة بالزهور التي طمرت أحمد إلى كتفيه تقريباً، وبقيت الشاحنة في مكانها نحو خمس ساعات، وحين تحرّكت بدأوا بالبكاء كالأطفال كونهم باتوا عاجزين عن التنفس، أمّا الطفل فأغمي عليه. والمفاجأة الأكبر كانت حين فتح السائق باب الشاحنة ليجد أحمد نفسه على الحدود الإيطالية وليست البريطانية كما وعده المهرّب. منها انتقل إلى ألمانيا والدنمارك حتى وصل إلى بريطانيا.
يقول أحمد لـ "العربي الجديد": "قصتي هي قصّة ملايين السوريين". أكثر ما أثّر فيه منذ بدء الحرب، تجربته على قارب مطاطي مع 88 شخصاً، كان يحاول معهم العبور بطريقة غير شرعية من تركيا إلى اليونان في منتصف الظلام ووسط البحر. يقول إنّ نصف الركاب كانوا أطفالاً ونساء. حين أوشك القارب على الغرق، وبدأ هؤلاء بالبكاء، راح أحمد يفكّر في حال غرق القارب، إن كان سيتمكّن من مساعدة طفل أو طفلين فقط... "تلك كانت أصعب اللحظات" كما يقول.
اقــرأ أيضاً
"لا تختلف سورية كثيراً عن لندن" هكذا يبدأ أحمد، الشاب السوري الذي وصل إلى بريطانيا بعد معاناة، كلامه. قصته بدورها لا تختلف عن قصص ملايين السوريين الذين شرّدتهم الحرب الدائرة في بلادهم. مع ذلك، كان أحمد أوفر حظاً من آخرين ابتلعهم البحر أو قضوا داخل شاحنات أثناء محاولتهم الفرار إلى بريطانيا.
قصة الشاب السوري جاءت ضمن مشروع "حكايتنا" الذي أطلقه الناشط السوري سليمان عثمان، هذا العام. في إطاره، يروي أحمد حكايته أمام حضور ينتابه الصمت، وينصت إلى صوت الشاب الذي يتراوح بين الصدمة والحزن والخوف والألم والأمل.
تلامس معاناة أحمد مشاعر الحضور، حين يروي عن حياته الجميلة في سورية، حيث كان يذهب إلى الجامعة والسينما ويلتقي بالأصدقاء. يلفت إلى أنّها كانت مشابهة للحياة في لندن، إلى أن بدأت الحرب عام 2011.
يروي بعينين دامعتين كيف كان طالباً جامعياً يومها، عندما قُتل صديقه لأنّه كردي ولد بهوية لم يخترها. يتابع أنّ الأوضاع ساءت بشدة عام 2013، وهاجم قريته متطرّفون، فتصدّى لهم أصدقاؤه من شباب القرية الذين لم يحملوا السلاح يوماً. لكنّهم قاتلوا بشجاعة على مدى أسبوعين أو ثلاثة، حتى سقطوا وقطعت رؤوسهم.
عن المرة الأولى التي رأى فيها الدماء، يقول إنّها كانت حين سقطت قنبلة وسط ملعب مدرسته السابقة، وحوّلت أجساد أكثر من ثلاثين طفلاً إلى أشلاء. يومها أحس نفسه عاجزاً عن فعل شيء فجلس في الأرض يبكي. بدأ بسبب الحادثة في توجيه انتقاداته على وسائل التواصل الاجتماعي، فتلقّى تحذيرات أرغمته على الرحيل عن منطقته. اعتقد أحمد أنّه سيعود بعد أسبوع أو أسبوعين حين تهدأ الأمور، لكنّ رحلته طالت فانتقل من منطقة إلى أخرى وذهب من جحيم سورية إلى جحيم العراق.
بجواز سفر بلغاري دخل أحمد إلى فرنسا. كاليه كان أسوأ مخيّمات اللجوء التي اختبرها. كان يحاول الفرار منه إلى بريطانيا. رأى الموت هناك حين وضعه أحد المهرّبين في شاحنة مع سبعة آخرين من بينهم طفل، للعبور إلى بريطانيا. كانت الشاحنة مليئة بالزهور التي طمرت أحمد إلى كتفيه تقريباً، وبقيت الشاحنة في مكانها نحو خمس ساعات، وحين تحرّكت بدأوا بالبكاء كالأطفال كونهم باتوا عاجزين عن التنفس، أمّا الطفل فأغمي عليه. والمفاجأة الأكبر كانت حين فتح السائق باب الشاحنة ليجد أحمد نفسه على الحدود الإيطالية وليست البريطانية كما وعده المهرّب. منها انتقل إلى ألمانيا والدنمارك حتى وصل إلى بريطانيا.
يقول أحمد لـ "العربي الجديد": "قصتي هي قصّة ملايين السوريين". أكثر ما أثّر فيه منذ بدء الحرب، تجربته على قارب مطاطي مع 88 شخصاً، كان يحاول معهم العبور بطريقة غير شرعية من تركيا إلى اليونان في منتصف الظلام ووسط البحر. يقول إنّ نصف الركاب كانوا أطفالاً ونساء. حين أوشك القارب على الغرق، وبدأ هؤلاء بالبكاء، راح أحمد يفكّر في حال غرق القارب، إن كان سيتمكّن من مساعدة طفل أو طفلين فقط... "تلك كانت أصعب اللحظات" كما يقول.
يتابع إنّ "ما حدث في سنجار مع الأكراد والأيزيديين كان كارثة، خصوصاً مع أخذ النساء سبايا، واحتجاز الآلاف من الأيزيديين على قمّة جبل سنجار لأيّام عديدة من دون ماء أو طعام". تلك كانت مأساة يعجز أحمد عن وصفها. يلفت إلى أنّ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" حين سيطر في البداية على المنطقة لم يكن دموياً، لكنّه ما لبث أن بدأ بفرض قوانينه.
وعلى الرغم من كلّ ما تعرّض له، لا يزال يأمل في أن تعود سورية كما كانت "فالشعب السوري قوي وجبار لكنّ الظروف لم تساعده".
بدوره، يلقي الشاب السوري عامر درويش أشعاراً مميّزة باللغة الإنكليزية على الحضور. وصل إلى بريطانيا عام 2003. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه شارك في مهرجانات أدبية في بريطانيا وفنلندا وتركيا. كذلك، أصدر ديوان شعر بالإنكليزية على حسابه وباع منه عشر نسخ فقط. لكنّ الديوان الثاني الذي يتحدّث فيه عن الهجرة والحب انتشر بشكل أكبر. أمّا القصائد التي يلقيها أحمد في أمسية "حكايتنا" فترتبط بأوضاع اللاجئين والإنسانية ككل.
من جانبه، يقول عثمان لـ "العربي الجديد" إنّ مشروع "حكايتنا" يهدف إلى إيصال صوت السوريين إلى الناس في مختلف أنحاء العالم، وإلى أولئك الذين لم تتسنّ لهم الفرصة للاستماع إلى قصصهم من قبل. كذلك، يسعى المشروع إلى دعم الفنانين السوريين من مصورين وكتّاب وأصحاب مدونات ثقافية، عن طريق تنظيم المعارض، وكذلك دعم اللاجئين والنازحين داخل سورية وخارجها بطرق مختلفة عديدة.
يتابع إنّ مشروع "حكايتنا" يحفّز الشباب على الكتابة، ويزوّدهم بالتدريبات اللازمة. كذلك، يدعم الحوارات المحلية والإقليمية، حول قضايا اللاجئين وأسباب هروبهم إلى أوروبا.
من جهتها، تقول المسؤولة عن برمجة واتصالات مهرجان "تيليت" الذي استقبل مشروع "حكايتنا" كيت والتون لـ"العربي الجديد" إنّ هذا المهرجان هو الأول من نوعه في بريطانيا الذي يقدّم قصص الناس الحقيقية، بدلاً من تلك التقليدية التي تروي الخرافات والأساطير. تضيف أنّ المهرجان انطلق في أكتوبر/ تشرين الأول هذا العام، وسيقدّم مختلف أنواع القصص الواقعية، مع الترحيب بجميع الناس على اختلاف جنسياتهم.
اقــرأ أيضاً
وعلى الرغم من كلّ ما تعرّض له، لا يزال يأمل في أن تعود سورية كما كانت "فالشعب السوري قوي وجبار لكنّ الظروف لم تساعده".
بدوره، يلقي الشاب السوري عامر درويش أشعاراً مميّزة باللغة الإنكليزية على الحضور. وصل إلى بريطانيا عام 2003. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه شارك في مهرجانات أدبية في بريطانيا وفنلندا وتركيا. كذلك، أصدر ديوان شعر بالإنكليزية على حسابه وباع منه عشر نسخ فقط. لكنّ الديوان الثاني الذي يتحدّث فيه عن الهجرة والحب انتشر بشكل أكبر. أمّا القصائد التي يلقيها أحمد في أمسية "حكايتنا" فترتبط بأوضاع اللاجئين والإنسانية ككل.
من جانبه، يقول عثمان لـ "العربي الجديد" إنّ مشروع "حكايتنا" يهدف إلى إيصال صوت السوريين إلى الناس في مختلف أنحاء العالم، وإلى أولئك الذين لم تتسنّ لهم الفرصة للاستماع إلى قصصهم من قبل. كذلك، يسعى المشروع إلى دعم الفنانين السوريين من مصورين وكتّاب وأصحاب مدونات ثقافية، عن طريق تنظيم المعارض، وكذلك دعم اللاجئين والنازحين داخل سورية وخارجها بطرق مختلفة عديدة.
يتابع إنّ مشروع "حكايتنا" يحفّز الشباب على الكتابة، ويزوّدهم بالتدريبات اللازمة. كذلك، يدعم الحوارات المحلية والإقليمية، حول قضايا اللاجئين وأسباب هروبهم إلى أوروبا.
من جهتها، تقول المسؤولة عن برمجة واتصالات مهرجان "تيليت" الذي استقبل مشروع "حكايتنا" كيت والتون لـ"العربي الجديد" إنّ هذا المهرجان هو الأول من نوعه في بريطانيا الذي يقدّم قصص الناس الحقيقية، بدلاً من تلك التقليدية التي تروي الخرافات والأساطير. تضيف أنّ المهرجان انطلق في أكتوبر/ تشرين الأول هذا العام، وسيقدّم مختلف أنواع القصص الواقعية، مع الترحيب بجميع الناس على اختلاف جنسياتهم.