متطوعون من فلسطينيي الداخل يغيثون لاجئين في اليونان

طمرة

ناهد درباس

ناهد درباس
08 سبتمبر 2018
7450B240-54F7-4248-AE8F-EADE4C71D982
+ الخط -
قررت مجموعة من الشباب الفلسطيني، وهم من فلسطينيي الداخل، بعد أكثر من عام من مبادرات شبابية فردية في التطوع، تأسيس جمعية "بذور من أجل الإنسانية" عام 2016، وهي منظمة إغاثية تنفذ مشاريع إنسانية تهدف إلى تقديم المساعدات للاجئين عموماً ومنهم السوريون الذين لجأوا إلى اليونان هرباً من الحرب والدمار.

وتعتمد الجمعية على التمويل الذاتي من تبرعات الشعب الفلسطيني بالداخل لمساعدة اللاجئين، وتتخذ لها مكتباً في مدينة طمرة بالجليل. أما مقرها المركزي في العاصمة أثينا باليونان فيحتضن آلاف اللاجئين من مختلف الجنسيات، ويقدم الخدمات والمعونات المباشرة لمخيمات اللجوء هناك. ولدى الجمعية 300 متطوع من أطباء واختصاصيين نفسيين ومعلمين وطلاب جامعات.

ويتحدث عبد القادر وتد، وهو من مؤسسي الجمعية لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "مساعدة اللاجئين حول العالم ممكن أن تكون هواية أو عملا يترسخ في الذاكرة، ولكن مساعدة اللاجئين بالنسبة للفلسطيني سواء كان في داخل الخط الأخضر أو بالضفة والقطاع، هي جزء من الشخصية ومن التاريخ المقموع بداخلنا، جزء من يومياته ومن أكله وشربه".

ويتابع وتد: "مساعدة اللاجئين السوريين تبدأ بمساعدة أهالينا في الداخل والضفة الغربية والقطاع للناس المحتاجة. الخبرة لدينا، نحن الفلسطينيين، الذين ما زلنا نعيش التهجير حتى اليوم، هي خبرة جداً عميقة، منذ 70 عاماً بدأها جدي وورثها عنه أبي، وأبي بدوره ورثّها لي. هكذا نعيش، ونكيف أنفسنا مع الحياة، فالضغوطات في الداخل كبيرة جدا وإن كان بعضها غير ملموس لكنها موجودة نفسيا، والوضع مشابه في الضفة والقطاع أيضاً".

ويضيف: "النقطة الجديرة بالذكر أن خبرتنا، نحن الفلسطينيين، تعطينا الأسبقية والأفضلية في معرفة ترتيب أولويات اللاجئ، أولاها الأرض والبناء الذي يعيش فيها، والصحة والطعام والتعليم لكي لا يكون عندنا جيل أميّ".

ويشرح قائلا: "مع وجود جمعية بذور من أجل الإنسانية تستطيع متابعة أوليات اللاجئ، ونقول بثقة إن اللاجئ الذي يصل إلينا يجد مكاناً ينام فيه وطعاماً، ويستطيع أن يحافظ على صحته ليس في ما يطرأ على أحواله الصحية فقط، وإنما يتمكن من علاج ومتابعة مشكلاته الصحية التي يعاني منها قبل التهجير أيضاً".

مسؤولون ومتطوعون (العربي الجديد)  



مخاوف ومآسي حوامل ومغتصبات

وتقول ربى صبري وهي طبيبة نسائية من الناصرة، وتطوعت في مخيم للاجئين باليونان في الشهر الماضي: "كانت تجربة مختلفة كلياً عن طبيعة عملي في العيادات والمشفى. كان الإقبال كبيراً من النساء بشأن فحوصات واستشارات في الطب النسائي في المخيم، جزء منهن كنّ بحاجة للحديث وتفريغ همومهن وما يشغل بالهن من أمور، وكنت أستمع لهن كوني طبيبة امرأة".

وتشير إلى أن "الظروف الاجتماعية والحياتية للنساء اللاجئات صعبة وقاهرة، فغالبية الحالات التي رأيتها كانت لنساء يردن وسائل لمنع الحمل، نتيجة الظروف التي يعشنها".

وتلفت إلى أن ما أثر فيها كثيراً "أحوال النساء الحوامل اللواتي جئن للفحص ويردن معرفة ما إذا كان الجنين حياً، ولا يهمهن أي أمر آخر فقط الاطمئنان على حياته. وإحدى النساء التي عاينتها قالت لي أنا حامل منذ أن خرجت من سورية، وتنقلت إلى تركيا ثم إلى جزيرة في اليونان، واليوم أنا في أثينا وأريد التأكد إن كان الحمل لا يزال مستمراً وقلب طفلي ينبض".

وتضيف صبري: "هذه تجربة مختلفة كليا لمست العطاء بصفتي طبيبة نسائية في مخيم اللاجئين، تابعت حالات وشكاوى نساء يغتصبن من أزواجهن، وطلبن مني الحديث مع هؤلاء الأزواج، كذلك حالات نساء تعرضن للاغتصاب وهن في الطريق إلى أثينا من قبل المهربين، ولمست كيف أن تلك النسوة يعانين ظلماً مزدوجاً".

من الأقسام الطبية في الجمعية (فيسبوك) 


طلاب لا يعرفون القراءة

أما حنان كبت، وهي معلمة رياضيات من مجد الكروم، فتقول: "شاركت في حملتين تطوعيتين واحدة باليونان في عيد الأضحى، والثانية في مخيمات في الأردن، ولمست كيف تؤثر الحرب في الأطفال من النواحي النفسية والاجتماعية والتعليمية"، مشيرة إلى الفعاليات اللاصفية التي ضمتها حملات التطوع من رياضة وقراءة قصص وتهجئة الأحرف. وتتابع: "كنا نحاول أن نعوض الشيء البسيط من النقص الهائل في التعليم الذي فقدوه، وكان الأطفال المشاركون يعبرون عن آلامهم عبر الرسومات".

وتلفت إلى "حالة لا أنساها لطفلة سورية اسمها بتول كانت تبكي في الصف عندما التقيناها، فسألت والدها عن سبب بكائها، فقال إنهم وصلوا إلى أثينا قبل أسبوع، وإن ابنته كانت أذكى طالبة في صفها وتحب المدرسة كثيراً والآن فقدتها، ومن خلال الرسم عبّرت عن مشاعر الفقدان، وسمت بيتاً ومدرسة وصفاً وكل ما فقدته في سورية".

وتختم حنان بالقول: "الأطفال يريدون التعلم ويحبون أن يشاركوا في صفوف التعليم. المشكلة أن طلابا بعمر 12 سنة يقرأون مثل طفل في صف الثاني، وهذا جانب من مأساة اللجوء".


إحدى جلسات القراءة مع الأطفال (فيسبوك) 


وعن خدمات الجمعية، يقول مدير جمعية البذور من أجل الإنسانية، سليمان حجازي: "يوجد مقر للجمعية مكون من عدة طبقات في أثينا، واحدة للعيادات وأخرى لتوزيع الطرود والمساعدات، وطبقة لتعليم الأطفال وواحدة للإدارة والمخزن. والخدمات التي نقدمها طبية شاملة في جميع الاختصاصات منها الطب النسائي، والأسنان، والطب العام، وطب الأطفال، والعيون، إضافة لتوفير أدوية وعلاج فيزيائي".

ويلفت إلى تقديم الجمعية طروداً غذائية ومعونات صحية، وتوزيع ملابس في الشتاء والصيف، وملابس جديدة في فترة الأعياد، إضافة إلى الأضاحي. كذلك يوجد لدينا خدمة الدعم النفسي للنساء والأطفال"، مشيراً كذلك إلى توفير "دروس للغتين اليونانية والإنكليزية على مدار السنة للأشخاص من طالبي اللجوء في أثينا".

ذات صلة

الصورة
تخشى النساء على أجنتهن ومواليدهن الجدد (كارل كورت/ Getty)

مجتمع

تواجه النساء الحوامل النازحات إلى مراكز الإيواء المختلفة في لبنان خوفاً كبيراً في ظل غياب الفحوصات الدورية والاستشارات الطبية، ويقلقن على صحتهن وصحة أجنتهن.
الصورة
تطالب جمعيات رعاية الحيوان بتعامل رحيم مع الكلاب (فريد قطب/الأناضول)

مجتمع

تهدد "كلاب الشوارع" حياة المصريين في محافظات عدة، لا سيما المارة من الأطفال وكبار السن التي تعرّض عدد منهم إلى عضات استدعت نقلهم إلى المستشفى حيث توفي بعضهم.
الصورة
جنديان إسرائيليان يعتقلان طفلاً في الضفة الغربية (حازم بدر/ فرانس برس)

مجتمع

بالإضافة إلى الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة، لا يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن التنكيل بالضفة الغربية، فيعتقل الأطفال والكبار في محاولة لردع أي مقاومة
الصورة

مجتمع

ضبطت السلطات اللبنانية، أمس الأربعاء، عصابة ابتزاز واغتصاب تستدرج الأطفال والقصّر بهدف اغتصابهم وتصويرهم وإجبارهم على تعاطي المخدرات.
المساهمون