على الرغم من أنه الليل، وحيث إنّ صوتي، مرّةً أُخرى، مبحوح، نتيجة نوبة برد، إلّا أني أصرخ، بشكل متحشرج، عالٍ قليلاً ولا جدوى منه.
يُحدثني جيراني النهاريون من فنزويلا: سانتوس أوسبينا، خوانا دوس باسوس، إليخاندرا أريلانو، ماريا إينيس دي لا كروث، والبنت سيسيليا، وبيدرو كوباس لورنتينو، كيف أنهم عاشوا شهوراً على نشا الذرة، وكيف أنهم مشوا مئات الأميال على الأقدام، قاطعين حدوداً، بحثاً عن بلد لاتيني مضيف، وكيف وكيف حتى وصلوا، محظوظين إلى بروخم.
الفرحة في عيونهم، والأمل، مع أنّ عدد لاجئيهم، سيتجاوز بعد شهور عدد النازحين السوريين. والحديث هنا يدور عن سبعة إلى ثمانية مليون لاجئ.
ما زلت لا أفهم هذه المفارقة: كيف لدولة تحتوي أكبر احتياطي نفط في العالم، أن تصدّر أكبر عدد من اللاجئين؟
أظن أن أميركا وراء المأساة، وأمامها، وعلى الجانبَين، ولا أعفي بالطبع، غباء دكتاتور كراكاس الرهيب. عموماً، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، فقد تغيّرت صورة حتى أولئك الذين يسعون لتحقيق الرخاء والأمن في آفاق جديدة.
فنزويلا الجميلة، بلد اللطف والذوق، التي لا تستحق كل هذه الكوارث، تجري، يا حرقة قلبي، إلى حيث لا ملاذ!
أفكر في كل هذا وغيره، وأصرخ... على الرغم من أنه الليل، وحيث صوتي، مرّةً أخرى، مبحوح، نتيجة ضيق تنفس، صرخة لا جدوى منها.
* شاعر فلسطيني مقيم في برشلونة