هل هي "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة" لخالد خليفة لسخونة الملف السوري الذي تتناوله بجرأة، كما أنها في الواجهة الإعلامية منذ فوزها بجائزة "نجيب محفوظ 2013"؟ أم ستفوز إحدى الروايتين العراقيتين "فرانكشتاين في بغداد" لأحمد السعداوي، أو "طشّاري" لإنعام كجه جي، لكون الأولى تناقش الجرح العراقي في الداخل، بينما الأخرى تعالج موضوع الهجرة العراقية؟ أم ستذهب الجائزة إلى إحدى الروايتين المغربيتين "طائر أزرق نادر يحلق معي" ليوسف فاضل، أو "تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية" لعبد الرحيم لحبيبي، ليقول المشرق للمغرب إنه في قلب الثقافة العربية؟
الكثير من المتابعين ينتقدون هذه الجائزة على اعتبار أن غالبية أعضائها لا علاقة لهم بالرواية. إذا كانت المعايير التي تختار بها الرواية الفائزة محل جدل أصلاً، فما المعايير التي تختار بها لجنة التحكيم؟ وهل هناك دور لـ"مجلس الأمناء" في توجيه العناية نحو بلد معين، ضمن حسابات سياسية؟
حملنا هذه الأسئلة إلى ياسر سليمان، رئيس "مجلس الأمناء"، وأستاذ "الدراسات العربية في جامعة كامبردج"، قبل إعلان الجائزة. فأجابنا: "مجلس الأمناء هو الذي يقوم باختيار اللجنة المحكمة التي تتغير كل سنة، وليس ضرورياً أن يكون الأعضاء من نقاد الرواية، المهم أنهم من قرائها. وهذا ينبع من حرصنا على تنوّع الاختصاصات، من أجل المحافظة على اختلاف الأذواق. كذلك حرصنا على اختيار أعضاء اللجنة من المغرب والمشرق على حد سواء، إضافة إلى اختصاصي من خارج الوطن العربي، وكله من أجل تفاعل الأذواق والحساسيات".
وعن المعايير المتبعة في الجائزة أكّد سليمان أنه: "لا توجد لدينا معايير محددة للأعمال التي تصل إلى القائمة الطويلة والقائمة القصيرة، ولا في اختيار الرواية الفائزة"، ووضّح هذه النقطة بأنّ تحديد المعايير ضدّ الإبداع، والـ"بوكر" تهدف بشكل أساسي "إلى المساهمة في رفع مستوى تميّز الرواية العربية". دون أن ينكر أنه لو تغيرت لجنة التحكيم لتغيرت، بالمقابل، القائمة المختارة.
وعن رأي "مجلس الأمناء" بالنقد الذي يصل حدود التجريح، قال سليمان: "كل جائزة في العالم تخضع للنقد والتأويل والتفسير، وهو أمر طبيعي، هناك سوء فهم جوهري للجائزة، فالبعض يعتقد أنها تُكافئ الكاتب عن مجمل أعماله، وهذا ليس صحيحاً، لأنها تكافئ رواية واحدة، كتبها في هذا العام. بهذا المعنى فكاتب كبير قد لا يكتب الرواية التي تُعجب القارئ، فيما يمكن للكاتب الشاب أن يفعل ذلك".
إذاً الحكم لصالح العمل الإبداعي المقدّم للجائزة، لا لصالح تجربة المؤلف واسمه. ودفاعاً عن آلية عمل لجنة التحكيم وضّح بأنها "توصي بالرواية المتميزة، ولكنها لا تقول إنها ستعيش على مدى الدهور".
حين نسأله كيف يرى "البوكر"؟ وهل يعتقد أنها قدّمت إضافة للمشهد الروائي والثقافي العربي؟ يجيب بثقة: "إضافةً كبيرة، وحراكاً قوياً، بل رفعتها إلى المكانة التي تليق بها"، ويدلّل على ذلك بازياد النوادي الأدبية للرواية التي تنظم ورشاً للقراءة والنقد، خاصة في بلدان الخليج. كما فتحت أبواب العالمية أمام الرواية العربية: "وقد تُرجمت بعض الروايات التي حازت على البوكر إلى 22 لغة، بعد أن ساهمنا في ترجمتها إلى اللغة الانجليزية".
هل قرأ رئيس "مجلس الأمناء" الروايات التي اختيرت ضمن القائمة القصيرة أو الطويلة؟ يجيب متنهداً: "قرأت روايتين من القائمة القصيرة، وأعجبت بهما". نسأله: "ما هما؟"، فيصرّح إنه ممنوع التصريح.