في عام 1871، أرسلت بريطانيا بعثة مساحية لفلسطين باسم "صندوق اكتشاف فلسطين"، استمرت مهمتها ثمانية أعوام، أربعة منها في فلسطين، ثم أربعة أخرى في لندن، حيث جرى تنظيم نتائج المرحلة الأولى، ورسم 26 خريطة وكتابة عشرة مجلدات عن فلسطين توثّق قراها وعددها وطبيعتها وأنواع طيورها ونباتاتها، وصدرت عام 1888.
لكن الأمر ليس كما يبدو عليه؛ مجرّد بعثة توثيقية، فبحسب المصادر التاريخية المختلفة، فقد سعى الصندوق إلى اكتشاف جيولوجيا فلسطين وآثارها التاريخية والأماكن الموجودة في الكتاب المقدّس، وقامت البعثة بإنجاز قائمة بأسماء القرى الفلسطينية ضمّت قرابة العشرة آلاف اسم.
طبعت البعثة أيضاً خريطة لفلسطين الغربية على أربعة أشكال؛ الأولى عليها الأسماء العربية الحديثة، والثانية عليها أسماء العهد القديم "التناخ"، والثالثة عليها أسماء العهد الجديد "الأناجيل"، والرابعة عليها أسماء مصادر المياه وتوزيعها، وبالطبع كانت هذه الخريطة خطوة مبكّرة في تهويد أسماء القرى الفلسطينية.
عن "صندوق اكتشاف فلسطين"، يحاضر الأكاديمي والباحث الفلسطيني سلمان أبو ستّة (1937)، في "مركز الدراسات الفلسطينية" التابع لـ"كلية سواس" بجامعة لندن، عند الخامسة والنصف من مساء غد الجمعة.
وبحسب تقديم المحاضرة التي تُقام تحت عنوان "إعادة النظر في مسح فلسطين الغربية عام 1871: المرئي والمخفي"، يرى أبو ستّة، مؤسّس ورئيس "جمعية الأرض الفلسطينية"، أنّ المسح تضمّن أخطاء في الأسماء، مشيراً إلى فقد الكثير من البيانات التي جرى جمعُها ولكن لم يتم استخدامها.
ويبيّن أبو ستّة، الذي أنجز أطلساً جديداً معدَّلاً يضم أكثر من 500 صفحة صحّح فيه أخطاء أسماء القرى أضاف ما جرى نسيانه، أنّ الأهداف العسكرية أصبحت واضحة في نهاية الاستطلاع، وقد خدمت الجيش البريطاني حتى الحرب العالمية الأولى.
في هذه المحاضرة، يستكشف صاحب "طريق العودة: دليل المدن والقرى المهجرة والحالية والأماكن المقدسة في فلسطين" (2007) أهمية "صندوق اكتشاف فلسطين" وإشكالياته وتأثيره على وثائق فلسطين في المائة وخمسين عاماً التي تلت إنجازه.