حين صدرت روايته الأولى "إعجام" سنةَ 2004، كان بلد الروائي والشاعر العراقي سنان أنطون (1967)، يدخل عامه الثاني تحت الاحتلال الأميركي. تُرجم العمل إلى الإنكليزية بعد ثلاث سنواتٍ من ذلك وصدر في الولايات المتّحدة الأميركية حيثُ يُدرِّس المؤلّف في إحدى جامعاتها. هناك استُقبلت الرواية بنوعٍ من الاستغراب؛ إذ لم تتفهّم المراجعاتُ النقدية والصحافية التي تناولته ما رأت فيه "تناقضاً" بين معارَضة الدكتاتورية ومناهضة "التدخل الأميركي".
يعزو أنطون ذلك إلى الخلط بين الشعب العراقي ونظامه، وهي حالةُ يقول إنها موجودةٌ لدى النخب الثقافية الأميركية كما لدى السياسية، مضيفاً خلال جلسةٍ قدّمها، مؤخّراً، في "مكتبة الشبكة العربية للأبحاث والنشر" في إسطنبول، أن ذلك يُفسّر اتّهام كلّ من رفضوا الحرب بتأييد نظام صدّام حسين، ومن ثمّ تقسيم العالم إلى فسطاطَين: مع وضدّ.
غير أن "العالم ليس بسيطاً مثل أفلام الكرتون"، يُعلّق الكاتب العراقي، مضيفاً أن التاريخ لا يُمكن اختزاله في ثنائية أفضل وأسوأ، بل يجب أن يخضع إلى إعادة تفكير مستمرّة فيه، و"حين يتعلّق الأمر بالقمع والاستبداد، فإننا نحتاج إلى وقت أطول لنفهم تأثير ذلك على أرواح الناس".
يُردف أنطون أنه حاول أن يتلمّس في الرواية - التي تناولت قصّة سجين عراقي - معنى العيش في ظلّ نظامٍ دكتاتوري، دون أن يخفت فيها الصوت الرافض للحرب. يقول: "رفضُ الحرب لا يعني تأييد الدكتاتوريات، سواءً كانت في العراق أو سورية أو ليبيا، أو في أيّ بلدٍ آخر".
غادر صاحب ديوان "موشور مبلّل بالحروب" (2004) بلده وهو في الثالثة والعشرين من عمره. عن تلك الفترة التي عاشها في العراق، يقول إن الانغلاق السياسي قابله انفتاح وثراء ثقافي كبير، بفضل الصحف والمجلّات التي تُخصّص مساحات واسعة للثقافة: "لم أكتشف ذلك إلّا حين وصلت إلى الولايات المتّحدة، ووجدتُ أنني قرأتُ لأسماء بارزة بالعربية مثل كالفينو ودريدا وفوكو". هنا، يُشير إلى أن النظام التعليمي العراقي كان متماسكاً؛ حيثُ اعتمد "على أساتذة أكفاء درسوا في أفضل الجامعات في العالم، وهؤلاء رسّخوا لأصول البحث الأكاديمي".
في 2010، صدرت روايته الثانية "وحدها شجرة الرمّان" التي ترجمها بنفسها إلى الإنكليزية. يقول سنان إن هذه التجربة كانت تهدف إلى التملّص من المترجمين والمحرّرين الأميركيّين الذين تنظر غالبيّتهم بريبة إلى النصوص القادمة من "جنوب الكرة الأرضيّة"، فيُحاولون إخضاعها لشروط تلقّيها في الولايات المتّحدة، حتّى ولو أدّى ذلك إلى اقتطاع أجزاء منها: "هناك بعض الإيجابيّات في الأمر، لكنه يفتح أمام تجاوزات قد تمسَ بهيكلة الرواية برمتها".
يتطرّق صاحب رواية "يا مريم" (2012)، أيضاً، إلى استخدامه اللغة المحكية في كتاباته، معتبراً أنها، وفضلاً عن كونها تُحقّق له متعة شخصية، أكثر صدقاً من الفصحى التي يقتصر استخدامها في فضاءات محدّدة، لافتاً إلى أن توظيف اللغة المحكية ليس متاحاً لجميع الكتّاب، إذ يتطلّب جهداً ودقّة أكبر: "بالنسبة إليّ، لا مساومة في الأمر؛ فلغة الموصل تختلف عن لغة بغداد، ولغة الشباب تختلف عن لغة الشيوخ، بينما تسير جميعاً على نسق واحدٍ في الفصحى. لكن المؤسف أن كلّ ذلك يضيع في الترجمة".