لا يمكن فصل مفهوم التضامن الاجتماعي عن الدولة باعتبارها نسيجاً موحداً لمجموعة من العناصر والفئات التي اشتركت مع بعضها في إطار اجتماعي سياسي يحقّق مصالحها، وتطوّر ضمن ممارسات عملية وبحوث نظرية تزامنت مع ترسّح منظومة العدالة الاجتماعية والديمقراطية.
بدأ استخدام المفهوم عقب الثورة الفرنسية في العلوم الإنسانية والاجتماعي في سياق الدولة التي تحتكر تنفيذ القانون وتوزيع الفرص بمساواة على مواطنيها، ثم اتخذ التنظير له أشكالاً مختلفة مع بروز المجتمع المدني ونمو فاعليته وشبكاته في الواقع.
يعقد فرع "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في تونس العاصمة صباح بعد غدٍ الجمعة الندوة العلمية الدولية تحت عنوان "التضامنات الاجتماعية: التعبيرات، الأشكال والجغرافيات الجديدة" في مدينة الحمامات، وهي ندوة تتواصل لثلاثة أيام.
يطرح المشاركون مجموعة من التساؤلات مثل كيف تتكون التضامنات في المجتمعات؟ وعلى أي قيم تنهض؟ وكيف تتحول؟ وما تعبيراتها وأشكالها؟ وفي أي سياقات تضعف وتتفتت؟ ومتى تتقوى أو تتلاشى؟ وهل تتضامن الفئات المختلفة (العمال، والفقراء، والمهمشون، والأثرياء، وأصحاب النفوذ) لما بينها من انسجام أم اختلاف؟ ما أثر التحولات الحضرية والمجالية في التضامنات؟ وكيف يتشكل التضامن ويتمظهر في الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تحديداً؟ وهل عوضت السياسات العمومية مع الدولة الحديثة من خلال ما ابتكرت من آليات حماية ووقاية اجتماعيين (تأمينات، وتعاونيات) الأطر التقليدية للتضامن القائم على التآزر والتعاون والتلاحم؟
يتناول المحور الأول؛ "التضامن: النظريات والمفاهيم والدلالات" حيث تجري العودة إلى وجود التباسات عدّة حول المفهوم رغم رغم استخدامه المفرط وحضوره المكثف في الخطاب السياسي والعالمي حتى غدا أحياناً دالاً على الشيء ونقيضه، لذلك سيناقش المشاركون المفهوم والأسس الفلسفية والأخلاقية التي يستند إليها.
يستعرض المحور الثاني "التضامن في سياقات انتقالية" الأشكال والتعبيرات التي تعيد المجتمعات ابتكارها في حالة الأزمات السياسية الحادة لتدعم تماسكمها وتضامنها الدفاعي، بينما يقارب المحور الثالث "الدولة والسياسات العمومية للتضامن والاتصاد التضامني" عولمة التضامن عندما تحفق الدول في تحقيقه.
يطرح المحور الرابع "الجغرافيا الجديدة للتضامنات" جملة من المقاربات الجديدة للتضامن مثل الجماعات المهنية، ولجان الأحياء، ونقابات العمارات السكنية، أما المحور الخامس "التضامنات والنوع الاجتماعي" فيعالج المدلولات الخاصة للتضامن حين يُبنى على انتماء جندري.