مع تراجع معارض الكتب في بغداد بسبب الوضع الأمني الذي أدّى إلى عزوف دور النشر العربية والدولية عن المشاركة فيها طيلة السنوات الماضية، برزت معارض في مدن أخرى إلى واجهة المشهد الثقافي العراقي، ومن بينها "معرض أربيل الدولي للكتاب" الذي يُقام في المدينة الواقعة بإقليم كردستان العراق منذ 2003، ويُعتبر من أبرز معارض الكتب حالياً في البلاد.
اليوم، انطلقت فعاليات الدورة الحادية عشرة من المعرض، والتي يُنتظر أن تستمرّ حتى 15 من نيسان/ أبريل الجاري، بمشاركة قرابة 180 ناشراً من عشرين بلداً عربياً وأجنبياً، تحضر بنحو 700 ألف عنوان في مجالات مختلفة.
في الدورة الحالية، كان لافتاً إقرار الناشرين نسبة تخفيضات تصل إلى خمسين بالمائة. لكنها مسّت الكتب الأدبية خصوصاً، من دون أن تشمل الإصدارات العلمية الحديثة.
تأتي هذه التخفيضات في ظلّ المصاعب الاقتصادية التي يمرّ بها العراق منذ قرابة السنتين، على خلفية "الحرب ضد الإرهاب"، وتفاقم المصاعب مع إقليم كردستان الذي لم يعد يتلقّى أية دفوعات مالية من ميزانية العراق منذ 2014.
أدّى هذا الوضع إلى تعطّل الكثير من الأنشطة الثقافية، وتراجع عملية النشر، الذي ألقى بظلاله على المشهد الثقافي والإعلامي؛ إذ توقّفت 75 بالمائة من المطبوعات عن الصدور.
غير أن التخفيضات التي أُقرّت لا تعني أن الكتب ستكون في متناول جميع الزوّار. ذلك ما عبّر عنه وزير شؤون البرلمان في حكومة الإقليم، مولود باوه مراد، الذي صرّح، خلال زيارته المعرض، "قدرة المواطن الشرائية الآن أضعف من ذي قبل، لذا يجب أن تراعي دور النشر هذا الوضع وتخفّض الأسعار بشكل أكبر، فأسعار بعض العناوين لا تختلف عن تلك التي كانت موجودة في دورات سابقة".
وكانت انتقادات حادّة قد وُجّهت إلى منظّمي المعرض، بسبب طغيان العناوين الدينية على دورته السابقة، إضافةً إلى عرض كتب وُصفت أنها تتناول مواضيع "السحر والشعوذة"، وأخرى "تحرّض على التطرّف".
يقول القائمون على المعرض، الذي تنظّمه "مؤسّسة المدى للإعلام والثقافة والفنون"، إن الجانب التجاري لا يُشكّل أساس التظاهرة التي يؤكّدون أنها "أبعد ما تكون عن مجرّد سوق لتصريف الكتاب والاتجار به"، في إشارة إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية التي يقترحونها طيلة 11 يوماً.
ينظّم المعرض مجموعةً من المعارض والأمسيات والندوات الفكرية والجلسات السينمائية؛ من بينها معرض لفنان الكاريكاتير جواد مراد، ومعرض تشكيلي جماعي لكل من أسامة إياد وثابت ميخائيل ورؤى فرج البناء وسامي لالو، وآخر فوتوغرافي للمصوّرَين رغيد ننوايا وشوقي شمعون.
ينظّم المعرض أيضاً ندوة استعادية للصحافي العراقي الراحل فائق بطي، يشارك فيها كلٌّ من بطرس نباتي، وتامان شاكر، وزهير بردي، وفرهاد عوني، وممتاز الحيدري، ويتخلّلها عرض شريط وثائق عنه.
تثير الندوات مواضيع وقضايا؛ مثل: "إشكالية العلاقة بين المثقّف والسلطة"، بمشاركة حمد طه وقاسم حسين صالح، و"الكِتاب في العراق قبل وبعد 2003" بمشاركة عباس عبد الله وفارس الكامل و قصي البرهان، و"التكنولوجيا الحديثة وأثرها على المطبوع وصناعته" بمشاركة إيهاب عبد الرزاق وسونيا صديق، و"الإصلاح من وجهة نظر نسوية"ّ بمشاركة بخشان زنكنة وبهار سليمان وسعاد الجزائري وهناء أدور، و"دور الأدب في الإصلاح" بمشاركة سرور عبد الله وعبد الكريم زيباري وفارس حرام ونوزاد حسن.