تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "لا أفهم الكتابة الجديدة، وربّما لا أفهم الكتابة. يغدو هذا الفعل بالنسبة إليَّ أكثر غرابة"، تقول الشاعرة اللبنانية.
■ كيف تفهمين الكتابة الجديدة؟
- لا أفهم الكتابة الجديدة، وربّما لا أفهم الكتابة. أنمو فيغدو هذا الفعل بالنسبة إليَّ أكثر غرابة، وأكثر حميمية.
■ هل تشعرين نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- لم أعد أعير اهتماماً للتشابه. البحثُ عن الاختلاف أكثر شراهة. ثمّ إنّني لا أحبّ تقسيم تاريخ الشعر، تماماً كما لا أحبّ تقسيم تاريخي. أتعاملُ مع الوقت تعاملي مع البيت. أتحرّكُ بين غرفهِ وذاكرتهِ بمنتهى الألفة.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- سلميّة. تشبهُ علاقتي مع هفواتي. تصالح تامّ بلا ضغينة.
■ كيف تصفين علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- كعلاقتي مع ما لم أختره. سلبيّة. لا أبحثُ عن تغييرها. قد أرغبُ في خلق بديلٍ عنها فقط. هذا البديل قد لا يعني أحداً، قد يكون كأسَ نبيذٍ، أو قصيدة.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدَر في مناخٍ عائلي. آنذاك اكتشفتُ أنّني في الثانية والعشرين من عمري. كنتُ قد ظننتُ أنّني قطعتُ الأربعين وأنّ عمري القصير يعني أنّني سأموت قريباً. لا زلتُ أعتقدُ أنّ عمري قصير لأجبرَ نفسي على الحياة، لكن قد يكون لديّ وقتٌ أكثر ممّا أظنّ... وقت سأفكّر ماذا سأفعل به.
■ أين تنشرين؟
- نشرت مجموعتي الشعرية الأولى عن طريق "دار النهضة العربية" في بيروت.
■ كيف تقرئين وكيف تصفين علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- أقرأ ما يُغذّي الكائن البدائي فيّ. كلّ ما قد يردّني إلى الغابة. أو إلى الحقل. في ما عدا ذلك، الحياة أقصرُ من أن أمنهجَ قراءتي لها. القراءة حياة، وحَفرٌ عشوائيّ في الداخل. حَفرٌ قلقٌ باحثٌ عن المعنى (وليس من الضرورة أن يوجد).
■ هل تقرئين بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- أقرأ الفرنسية. القليل من الإنكليزية. وأقرأ لغة جسمي، وجسد هذا الكون. أحبّ الإيماءات والشهب.
■ كيف تنظرين إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكوني كاتبة مترجَمة؟
- نصف ثقافتي مترجمة. شكراً للمترجمين ولصبرهم الجبّار. ونعم، قد أحبّ أن يترجَم ما أكتب، إن صار يوماً جديراً بالترجمة.
■ ماذا تكتبين الآن وما هو إصدارك القادم؟
- من الصعبِ أن أعرف الإجابة. الكتابة فعلٌ آنيّ. ثمّ إنّني قد أموتُ اليوم، بعد أن أضغط على زرّ الإرسال بالبريد الإلكتروني، وقد يكون هذا آخر ما كتبته.
أشلاءٌ لم تكن جسمًا
زنوبيا ظاهر
قدمان
قدماكِ حزينتان..
مذ قال أنّهما قدما امرأةٍ بدائيّة،
صرتِ ترينهما قدمي جدّتكِ،
حاصدةِ القمح.
علاقتكِ بهما ليست وطيدةً؛
لا تمعنين فيهما النظر
إلّا
مبهورةً بلونِ طلاءٍ جديد..
تخافين
أن تريهما،
أن تهربا من عينيكِ
إلى الغابة،
أن تنغرسا في الريح،
أن تنموا شجرةً في العراء..
وأنتِ تخافين العراء.
■ ■ ■
جذع
الريشة التي
جرّدتكِ من نجومكِ
لأنّكِ عارية
أعادت تشكيل ثقوبكِ
كقطع پازل سوداء..
كلّها متشابهةٌ،
ثقوبكِ،
أعقابُ سجائر زاحفة فوق الأرصفة
تبدو كالنجومِ حين تشفّ خلفَ حريركِ..
لكنّكِ
ملأى بها
مغروسةٌ مثل السنديان فيها.
والريشة الّتي
جرّدتكِ
(إلّا من ثقوبكِ)
رأتكِ ظلًّا
لمجرى ألوانٍ خاوٍ في خيالها..
هكذا، ملأتهُ بلحمكِ
ورمتكِ لكلاب الصمت.
■ ■ ■
حصان
هل تعلمُ أنّي
قطّعتُ شرايين يديه
ثم وقفتُ في المرآةِ أحدّق مذهولةً
بسحر القاتلين.
جسدي الذي
شبّ كالحصان في وجهِ دمه..
الحصان الطالع
الراكض
الراقد
المتّكئ على أفعاه
الشيخ المحفور وجههُ في صخرة
وفي شعاع..
لم يعد يشبّ كالأنبياء في وجه افتراسي.
■ ■ ■
أمنية
يحقّ للأشياء
أمنيةً أخيرةً
قبل أن تؤكل:
الأظافر
السفرجل
الهواء
الخوف
الله
...
أقول هذا
قبل أن أبتلع قلبي
كحبّة دواء ضدّ الحبّ.
بطاقة
شاعرة لبنانية من مواليد بلدة الزرارية جنوب لبنان عام 1996، حاصلة على ماستر في الإعلام والتواصل، وماستر في الفلسفة. صدرت لها مجموعة شعريّة بعنوان "آخر العنقود يسقُط أوّلاً" عن "دار النهضة العربية" (2018). شاركَت في إصدار "نيزك"، نشرة شعرية إلكترونية.