قيل: "أمضى حياته عالّة على فريدريك إنغلز". قيل: "عنصري عنيد، بما في ذلك، ما يتعلّق بجماعته الخاصة".
قيل: "أخطاؤه وخطاياه تفوق كثيراً، كرمَ بصيرته".
قيل (والقائل منحاز لخالق المعاناة الأعظم على الكوكب): "إن أفكاره ساعدت في إنتاج الكثير من المعاناة".
قيل ـ وهو فقط المؤكّد ـ إنه جعَلَ خادمته حبلى وأرسل الطفل إلى أبوين بالتبني.
قيل وسيقال، والمجمل باختصار: إنسان سيئ.
لكن دعك من كل هذا، وغيره، وركّز معي: لقد اكتشف الرجل الجوهرة، ويكفيه ذلك ليمتد شعاعُه طويلاً وبعيداً.
فليس ما اكتشف ـ عند بشرٍ مثلي على الأقل ـ مجرد ملاحظة حول التاريخ وهو لا يفتأ يتكرر.
إنه المادة الخام لكل الفنون، الأحلام والأشواق: "الأولى كمأساة، الثانية كمسرحية هزلية".
هذه النار الطرية القاسية، هذا النسغ الحيّ، ستمر دهور، قبل أن يفقد بعض نضارته.
فكل ما نكتبه، وما ستكتبه مئات الأجيال من بعدُ، هو عملياً، عجين غير صالح للخبيز، إلا بفضل خميرة ذاك الرجل: "الأولى كمأساة، الثانية كمسرحية هزلية".
إنها الجوهرة السوداء، لأنها ببساطة جوهر الحقيقة: جوهر السعي الخائب، وجوهر الفن، أيضاً.
ألا يكفيه، من بين عديد الأمور الأخرى، ذلك؟
حينما أقرأ تلك "الآبدة"، أتحسس ثقل التاريخ على جلدي.
أتحسس ويغيم الأفق.
فعلتها قديماً، وعلى الأرجح، ستتكرر في المستقبل.