تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوتٍ جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "علاقتي مع الأجيال السابقة هي علاقة تلميذ مشاغب مع معلّمه"، يقول الكاتب السوري.
■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
- الكتابة الجديدة كتابةٌ تزداد صراحتُها وجرأتها. أعتقد أنّ الكتابة تتحول، خصوصاً بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، إلى كتابة مكثّفة وبسيطة وواضحة. وهذه الملامح بدأت تظهر في الأعمال الأدبية المنشورة حديثاً، يرافقها شيء من العشوائية والفوضى التي أراها أمراً طبيعياً، خصوصاً في مجال الرواية التي باتت مجالاً واسعاً جدّاً يتقبّل جميع أصناف الكتاب وكافة الأفكار والأساليب. هذه العشوائية واللغة المشبعة بروح عصر السرعة والتكنولوجيا ستتحوّل، عاجلاً أم آجلاً، إلى جنس أدبي منفصل وواضح المعالم.
■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- بالطبع، لا يمكنني أن أكون غير جزء من جيلي، وإلّا فقدَت أعمالي جانباً كبيراً من العفوية والصدق. حتى لو كتبتُ روايةً تاريخية تدور أحداثها في العصر العبّاسي مثلاً ثم قرأتَها، ستشعر فوراً أنَّ كاتبها هو ابن القرن الواحد والعشرين... العفوية والمباشرة وتحطيم القيود بين الكاتب والقارئ هي، برأيي، أبرز الملامح التي تتّصف بها كتابة هذا الجيل... جيلي.
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- هي علاقة تلميذ مشاغب مع معلمه. دائماً ما كنتُ أقرأ أدب الأجيال السابقة وأنتقده بشدّة، ولاحقاً أستنتج أنهم كانوا على صواب أكثر مني. يجب أن نعاود قراءة تجاربهم، بين فترة وأُخرى، والاستفادة منها، فهُم جذع شجرتنا.
■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- ضعيفة بعض الشيء، تنحصر في صداقات شخصية قليلة بيني وبين بعض الكتّاب والفنّانين.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدرت روايتي الأولى "شهد المقابر" بعد أن حازت "جائزة كتارا للرواية العربية"، وكان عمري خمسة وعشرون عاماً.
■ أين تنشر؟
حالياً، مواقع نشر روايتي مقيَّدة بإمكانيات وإدارة "دار كتارا للنشر". شارك العمل في بعض المعارض العربية، مثل "معرض الدوحة للكتاب"، ومن المُنتظَر أنْ تُنشَر النسخ المترجمة في المعارض الدولية. أتمنّى ذلك.
■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- عشوائية ومزاجية.. أحياناً أقرأ روايةً لكاتب ما، ثم أتابع قراءة جميع رواياته دفعةً واحدة، وأحياناً أقرا روايتين معاً. أحياناً أغلق روايةً في منتصفها وأنتقل لأقرأ مقطعاً من رواية أكملت قراءتها. هذا العام، كنتُ أعود بشكل مستمر إلى مقاطع من كتاب "أغنية الطائر" لـ أنتوني دو ملو، ورواية "الحمامة" لـ باتريك زوسكيند. عموماً لا أجهّز قائمةً لما سأقرأ من كتب، خصوصاً أنّ مناخ ما أكتبه يؤثّر على اختياراتي في القراءة.
■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- لا، أقرأ بالعربية فقط. وأتمنّى لو أُتقن اللغة الروسية لأقرأ الروايات الروسية بعيداً عن الترجمة.
■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكون كاتباً مترجماً؟
- أحاول الاشتغال على هذا الجانب، وإن بخطوات بطيئة. عمل المترجم أكثر صعوبةً من عمل الكاتب نفسه؛ إذ عليه أن ينقل شعور الكاتب وكلماته، وأن يعيش الرواية بذات الروح. لكنه في نفس الوقت ليس قادراً على التحرُّر ولديه خطوط حمراء عديدة. الأمر شائك، خصوصاً إن كان المترجم نفسه كاتباً؛ إذ سيشتهي إضافة العديد من الجمل للرواية التي يترجمها، ولن يكون ذلك في مقدوره.
■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
- أنهيت كتابة مجموعة قصصية، وهذه تجربتي الأولى في مجال القصة القصيرة. كما اقتربت من إكمال روايتي الثانية التي ستكون جاهزة في بداية العام القادم. أتمنّى ان يكون أسلوبي قد تطوّر فيها، وتمكّنتُ من خوض مجالٍ جديد في عالم الرواية.
بطاقة
محمد غالب، كاتب سوري من مواليد مدينة السلمية في سورية عام 1992. روايته الأولى "شهد المقابر" حازت "جائزة كتارا للرواية العربية" في دورتها الثالثة سنة 2017، صدرت ترجمتها الإنكليزية العام الماضي، ويُنتظر أن تصدر ترجمتها الفرنسية منصف العام المقبل.