رحل صباح اليوم الثلاثاء، الكاتب والمؤرّخ البحريني، خالد البسام (1956 - 2015)، في المنامة، تاركاً قرابة عشرين مؤلَّفاً في التاريخ والأدب.
بدأ البسّام حياته صحافياً. مع الوقت، أخذ يهتمّ بالوثائق التي تتناول منطقة الخليج، خصوصاً أن هذا الحقل يفتقر إلى ما يكفي من السرد التأريخي للمنطقة.
في أحد لقاءاته، يقول صاحب "لا يوجد مصوّر في عُنيزة" إنّ الصدفة قادته إلى التأريخ؛ حيث اطّلع "البسّام الصحافي" على وثائق أثناء زيارته نادياً ثقافياً بحرينياً، جعلته يذهب إلى تتبُّع "الوثائق النائمة"، والسعي وراء تاريخ لم يُؤرّخ.
في كتاباته، يختلط تأريخ المنطقة بتأريخه العائلي والشخصي؛ حيث لم يمنع اهتمامه بتاريخ الخليج، من التأريخ لإرثه العائلي، ووضعه في سياق أعمّ من الحكايات الشخصية، كما في كتابه "النجدي الطيب" الذي سرد فيه قصة هجرة جده من نجد إلى البحرين، في إطار يتطابق مع حال عائلات نجدية كثيرة، تنقلت هنا وهناك.
تناول البسام تاريخ الإرساليات الأميركية في الخليج، فوضع كتابيه "القوافل" و"صدمة الاحتكاك"، ليبحث في ماضي هذه الإرساليات، في ضوء الوثائق الأجنبية التي تناولتها، مركّزاً على جهودها التبشيرية في المنطقة، وآثارها الاجتماعية.
شغف البسام بالتوثيق والتأريخ، جعله يخوض ثلاثة ميادين؛ ابتداءً من الصحافة، ثم التاريخ، وأخيراً الأدب، عبر الرواية تحديداً.
الصحافة، بالنسبة إليه، توثيق للحظة، والكتابة التاريخية تقدّم "لحظات" أقدم، وبشكل أعمق وأكثر رصانة وشمولاً. بينما يأتي التأريخ بالسرد الروائي، كحالة أكثر تعقيداً، تجمع بين التوثيق التاريخي، ودفء الكتابة السردية، تلك التي تُبرز التفاصيل وتحفل بالهوامش.
لم تأتِ أعمال البسام الروائية بمعزل عن اهتمامه بالتأريخ للمنطقة، بل جاءت متلبسة فيه. ففي عمله الروائي الأول، "لا يوجد مصوّر في عنيزة"، يعود إلى مسقط رأسه، مدينة عنيزة النجدية؛ ليروي شيئاً من تاريخ عائلته، قبل هجرة جدّه إلى البحرين، لتكون مستقرّاً للعائلة، ومنشأً له.
بدأ البسام عمله كصحافي في منتصف السبعينيات، وانتقل إلى عمله كمؤرّخ في منتصف الثمانينيات، من خلال الاشتغال على حكايات الناس، ضمن ما يمكن اعتباره تاريخاً اجتماعياً، وليس أكاديمياً جافاً، أو سياسياً يتناول نشأة الدول وسير حكّامها. كان هاجسه التأريخ لما سُكت عنه في هذه الدوائر، الأكاديمية والرسمية، مثل موضوع الهجرات في الجزيرة العربية، والإرساليات التبشيرية المسيحية الأميركية في ساحل الخليج، ومسألة الرّق في المنطقة.
قبل قرابة شهرين، أعلن البسّام عن استعداده لإصدار رواية "ثمن الملح"، التي تتناول تاريخ العبيد في البحرين، وتتطرّق إلى ظروفهم المعيشية وبيئتهم الاجتماعية وسردياتهم التي قلّما تطرّق إليها الكتّأب الخليجيون.
اقرأ أيضاً: الأنساب في السعودية: متاهات من رمل وطين