"سعيد مثل إيطالي حين يعرف أنه سيجد الحب والخمر"، تلك عبارة من إحدى القصائد التي كتبها وغنّاها الشاعر والموسيقي الإيطالي جيانماريا تيستا الذي رحل عن عالمنا يوم الأربعاء الماضي عن 57 عاماً.
لعل الصورة المرحة التي تُظهرها هذه المقولة، والتي تتردّد أمثالها في الكثير من الأغاني والقصائد، تغيّرت بعض الشيء حين ظهر الفنان في آخر أشهر 2014، معلناً "أنه مرهق ولم يعد يقوى على التجوّل بين الحفلات والمهرجانات"، وفي الحوار الصحافي نفسه، أعلن أنه يعاني من مرض خبيث في الدماغ.
سواء في الشعر أو الغناء، لم يُعرف تيستا من خلال نشر مجموعات شعرية أو ألبومات، وإنما عُرف من خلال الحفلات، وقد فضّل هذه الطريقة في التواصل حتى سنة 1995 حين أصدر أول ألبوم له، وكان ذلك في فرنسا، باعتبارها البلد الذي شهد ظاهرة الشعراء المغنّين؛ مثل جورج براسنس، وجاك بريل، وسارج غانزبور، وجورج موستاكي، وليو فيري الذي خصّص له ألبوماً في 2008.
بعيداً عن الشعر والموسيقى، كان تيستا سائق قطار وناشطاَ مدنياً وسياسياً. في سنوات شبابه انتمى إلى الحركات اليسارية التي ازدهرت في إيطاليا وانتمى إلى التيار التروتسكي منها، ضمن تنظيم "البروليتاريا الديمقراطية"، غير أنه بمرور السنوات كان نشاطه السياسي يتقلّص لحساب نشاط مدني ضمن الحركات البيئية والتنظيمات المضادة للتدخّلات العسكرية في العالم.
ما يبقى من الشاعر والمغنّي هو بحثه الدؤوب على البساطة، وإعادة عناصر الطبيعة إلى الخطاب الفني، كما قال ذات مرة، والذي تُبرزه إحدى القصائد التي يشرح فيها نظرته للأغنية، والتي هي "عالم من الريح والذكريات، من التراب والضباب، ومن أشياء تطير من سماء إلى أخرى".