قضيت ردحاً من الليل
قضيتُ ردحاً من الليل
أُصارع الأنواء لأُنقذ شخصيّة روائيّة من مصيرها المحتوم
كنت أحيك في العتمة أكواناً سميكة لكواكب هشاشتها
وأستبسل في الدفاع عن ألغاز شهواتها خشية أن تُفَكّ
وأُحذّرها مرعوباً من كمين البياض المنصوب في آخر الرواية
بحّ صوت دمي في تنبيهها إلى الكوابيس الرابضة خلف أحرف الجرّ
وإلى الحروب التي تبدأ فجأة في أوّل السطر
كنت أقول لها ثمّة فواصل تصدّ القوافل وأخرى يكسرها السكون
ثمّة نقاط تُصيب بالدوار
وعلامات سؤال تورث العمى والخرس والشلل إن لم تصبح موسيقى أو موجاً في جسد
كنت أقول لها ثمّة كلمات تثأر من قائلها أو قاتلها
في كلّ كلمةٍ، كما في كلّ حبّ، موت ما
لكن لا حياة لا تبرّرها وتحرّرها الكتابة.
■ ■ ■
كلمة مرور واحدة: الغياب
أمس لمحتُ الحبَّ وقد وَهَن الحُلمُ منه
يعمل نادلاً، بأجر عاطفيّ زهيد، في مقهى للرغبات الآفلة
جِلدُهُ الافتراضيّ المرفّه يتصبب نهايات نحيلة لا تقوى على الشِّعر ولا حتّى على الهذيان
كان النسيان يغشى المكان
وكان يغمى عليه بين حين وآخر
يلهث ويتعثّر بالكراسي الفارغة من الانتظار
بينما ضيوفه الضجِرون يُلحِفون في طلبات أخيرة:
فراق لاذع يلمع في اللحم كنصلٍ إباحيّ
ندم شهيّ وخالٍ تماماً من الذكريات
القليل من الملح
والكثير من السراب
الحبّ يعرف، بحكم اغماءاته المتكرّرة،
أن الرغبة "واي فاي" مقفلة بكلمة مرور واحدة: الغياب.
* شاعر من فلسطين