كان المهرجانان حتى السنة الماضية، ينظّمان بالتداول، سنة لكل مهرجان، لتصبح أيام قليلة تفصل بين موعدها. إحداثيات عالم السينما في تونس تختلف كثيراً عن إحداثيات المسرح، ورغم ذلك فإن ظلال السينما من المتوقّع أن تخيّم على الفن الرابع، فالحملات الإعلامية التي شهدتها تونس في المرحلة الأخيرة عن إدارة "أيام قرطاج السينمائية" تنفّر من الثقافة في مجملها، خصوصاً وأن تبريرات المشرفين تتعلّق بعوامل مشتركة بين المهرجانين، مثل البنية التحتية لفضاءات العروض أو قلة التعاون من وزارة الثقافة.
"قرطاج المسرحي" هذا العام سيحتفي بأحد مؤسّسيه؛ المنصف السويسي الذي رحل منذ أيام، إضافة إلى أسماء أخرى مثل الناقد المسرحي أحمد عامر والممثلون أحمد السنوسي وسعيدة سراي إلى جانب المسرحي المغربي الطيب صديقي. قائمة الاحتفاءات تمتد كذلك إلى أسماء لا تزال فاعلة في المسرح مثل الكاتبة والممثلة التونسية جليلة بكار والمخرج الطوغولي بينو سانفي.
على مستوى البرمجة، لعلنا نقف على معادلة باتت تتكرّر في "قرطاج"، وهي محاولة "توزيع" عادل بين العروض الأجنبية (العالم العربي، أفريقيا وأوروبا) مع هيمنة العروض التونسية بـ 20 عرضاً مقابل 16 عرضاً من بقية البلاد العربية. الخيارات ظلت كالعادة محكومة بعامل اللغة حيث أن معظم العروض العالمية باللغة الفرنسية (من بلجيكا والكاميرون وساحل العاج وفرنسا) مع بعض العروض الإسبانية.
ما يمكن ملاحظته أيضاً أن معظم الأعمال المسرحية التونسية تعرض خلال المهرجان في قاعاتها "الأصلية" حيث أن مسرحية "عنف" لـ فاضل الجعايبي تعرض في "قاعة الفن الرابع" ومسرحية "المجنون" لـ توفيق الجبالي في قاعة "التياترو" وهي مسارح يديرها المخرجان.
ولعل مسرحيات مثل "روميو وجولييت" لغازي الزغباني، لولا أنها برمجت للاختتام، لكانت عُرضت في مسرح "لارتيتسو" الذي يديره المخرج، أو مسرحية "رادو" لـ سيرين قنون عن فكرة لوالدها المسرحي الراحل عز الدين قنّون، لو لم تكن عرض الافتتاح لربما قُدّمت في مسرحها الأصلي "الحمراء"، مع الإشارة إلى أن مسرحية أخرى لقنّون افتتحت الدورة الماضية. ملاحظات تقودنا إلى التساؤل: أي حركية وأي جديد سيضخّهما المهرجان في شرايين المسرح؟