تطّورت تجربته أبعد من ذلك، حيث أصبحت الأجساد العارية الفضاء الأساسي لتقصّي أعماق الإنسان وتمثّل رغباته المكبوتة وكل ما يصاحبها من تعبيرات مثل الخوف أو العزلة أو الانكفاء، بحيث بات هذه المساحات من الممزوجة من الحرمان والريبة منفتحة في التعبير عن ذاتها خارج أية حمولة أيديولوجية أو فكرية، لتجسد أسلوبه الخاص والمختلف.
في معرضه الجديد الذي افتتح في غاليري "غي إن غي" الباريسي في الثامن من الشهر الجاري ويتواصل حتى التاسع من الشهر المقبل، يواصل حاجو رسم شخصيات بلا عاطفة، مرسومة بألوان شاحبة على خلفية بيضاء، وغير متصلة بأي مكان أو منظور أو فضاء.
ويستخدم الفنان اللون الأحمر كبقع على أجزاء من الجسد، ما يخلق عنفاً قاسياً في المشهد يكرّسه مشهد النساء اللواتي يظهرن برؤوس مطرقة أو سيقان مرفوعة بشكل لا يبعث على الإثارة أو الفتنة، بقدر ما يحيل إلى آثار فعل صادم لم تمح بعد.
يصف لوحته قائلاً "عندما أرسم نفسي في كلّ لوحة، أرسم تلك الحالة، بعدما أصبحت عارياً تماماً من الدفء والأمان والترابط الإنساني، فلا شيء يعوّض ما فقدته"، وربما بدت هذه الحالة الأكثر عن تعبيراً عن المواطن العربي، والسوري بالضرورة، من دون أن يتقصّد حاجو إبراز ذلك خاصة في السنوات الأخيرة.
الكائنات المعزولة في أعماله تعلوها قتامة ذات طابع خاص، وتعيش دائماً وكأنها في الظلال حيث ملامحها غير ظاهرة كثيراً، وتكاد تختبئ من شيء مجهول، وقد تسقط في الفراغ الذي يحيط بها، وهي تشبه بعضها لدرجة يخيّل للمتلقي أنها الفنان يكرّر اللوحة نفسها.
الطبيعة التي رسمها في بدايات مشواره، عادت بعض مفرداتها إلى لوحته ضمن رؤيته الجديدة حيث تحيل إلى الخلاص النهائي حين تداخل في ما بينها فتصبح الأرض والشمس كتلة واحدة لا حدود بينهما.