في نظر السردية الثقافية الغربية، غالباً ما يُنظر إلى الثقافة الروسية بوصفها ثقافة الآخر، حتى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي لم تصبح للحظة جزءاً "غربياً" ثقافياً واجتماعياً في العقل الأوروبي، رغم ذلك فإن عالم الفن المعاصر بل وحتى اتجاهات تاريخ ودراسات الفن في أوروبا أصبحت مهووسة بما تطلق عليه مصطلح "الجمالية ما بعد الاتحاد السوفييتي" الذي بات قيمة جديدة في سوق الفن، ومع ذلك، فإن الفن في بلدان ما بعد الاتحاد السوفييتي ما زال إلى حد كبير يحمل مظاهر الارتباط بتلك الحقبة بشكل أو بآخر.
في هذا الخصوص، تحاضر الأكاديمية المتخصّصة في تاريخ الفن علياء تيسنوسن والفنانة التشكيلية أسمر ناريمانبيكوفا والقيمتان أصفانا تاهيروفا وروز عيسى، في "بيت آسيا" في لندن وبتنظيم من غاليري "كاسبيا المعاصر" عند السادسة والنصف من مساء غدٍ الخميس، بالتزامن مع معرض "الفن المعاصر من أذربيجان، رحلة روح" الذي يقام في البيت حتى نهاية الشهر الجاري.
تتناول المحاضرة "حياة الفن بعد الاتحاد السوفييتي" وتأخذ المحاضرات أذربيجان نموذجاً، وأثناء تقديمهن رحلة الفن في أذربيجان وآسيا الوسطى المعاصرة من جذورها التاريخية إلى العصر الحالي، سوف تتوسّع المشاركات في الهوية الثقافية التي كانت مضطهدة في المنطقة في ظلّ النظام السوفييتي، وكيفية تمثيلها بعد سقوطه.
من جهة أخرى، تذهب دراسات تناولت الفن في تلك المرحلة، إلى أن أبرز مظهر في الفن المعاصر في بلدان الكتلة الشرقية السابقة، هو الميل في التسعينيات من القرن الماضي وبدايات الألفية الثالثة إلى رفض الفن المرتبط بمسؤولية سياسية أو اجتماعية من أي نوع، بل ورفض أن يكون الفن مسؤولاً أو أن تكون المسؤولية سبباً في عملية الإنتاج الثقافي، وكان أي نقد للنظام العالمي الجديد، والرأسمالية من خلال الفن يقابل بالسخرية والرفض.
في شهادة كتبها الفنان يفغيني فيكس (مفاهيمي ما بعد سوفييتي كما يسمّي نفسه) يقول "هل نحن فنانون ما بعد الاتحاد السوفييتي راضون عن ردّ فعلنا السلبي على صور الرأسمالية العالمية والسعي إلى الهروب بدلاً من الانخراط بجديّة مع السياق الاجتماعي لما بعد الاتحاد السوفيتي على أرض الواقع؟". سوف تخوض المحاضرة في هذه الأسئلة حول الفنان والهوية والسوق والتحرّر وغيرها من متعلّقات ما بعد السنوات السوفييتية.