وأنت تكتبُ،
العشبُ الأزرقُ أمامكَ على الطاولة،
ما الذي تحتاجُه أكثر..
وأنت تدعو الطيور الليليةَ..
تمرّ المغنيّةُ بيدها على خشب التوتِ
على العشبِ الأزرقِ أمامكَ على الطاولة
ما الذي تحتاجُه أكثر..
وأنتَ تغمض عينيكَ:
البحرُ يصعد من دروب الماعز في الجبال
حتى السطوح المنخوبة
حتى الحواف الخشنة الأخيرة..
ما الذي تحتاجه أكثر..
وأنت تهذي:
تتسلّل الأغنية إلى شفتي
كما يتسلّل الأعمى إلى فضاء الرملِ
يَرهَزُ عودُ قشٍ..
على غُرّة بنتٍ في الجبال
ما الذي تحتاجه أكثر..
العشب الأزرق ما زال هنا
أمامكَ على الطاولة
■ ■ ■
مرّ مَن همسوا في الصباح مسرعينَ أمام نافذتي
مرّ من همسوا الأغنية طوال الليل..
في نافذة الفجر
مرّ من تمتموا شيئاً ما بين أسنانهم
لم أفهمهُ..
مرّ من أعادوا طوالَ الليلِ أغنيةً لا تنتهي
عن الجميلةِ النائمةِ في الغابة
بعد أن عادوا منهَكينَ من الغابة..
...
...
بعد أن عبروا..
بعد أن انتهت المغنية
من طَورها الوردي
بعد أن تركت لي،
شالها الوردي..
قلت ها إني هناكَ،
كما أحبُّ،
من بعيدٍ أراني هنا
أماميَ العشبُ الأزرق على الطاولة
■ ■ ■
لم نكن مرةً دقيقينَ في الألوان..
نقولُ: نبيذٌ بلون القشّ
مع أنه بلون التين الناضج
نقول سماءٌ بيضاء كالحليب
مع أن الحليب
يميل إلى الأزرق الفاتح
أو هكذا تراه الطيور من السماء..
نقولُ: توّردَ خدّاها..
مع أن الورد
من استعارَ لونِ خدّيها
...
...
شكل الكلمات هذا
عائداً من زمن البطاقات البريدية..
ظهركِ الذي ﻻ أميّزه إلا من وهج الفجر..
* شاعر سوري