برحيل الناقد الأميركي هارلود بلوم (1930 - 2019)، الإثنين الماضي، خسرت الأوساط الأكاديمية والأدبية، شخصيةً قوية التأثير وبالغة الأثر، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع مقولاته النقدية الإشكالية، وهو الذي كان أحد أكثر النقاد شعبية وإثارة للجدل في الأدب الأميركي بشكل خاص.
ترك بلوم أكثر من أربعين مؤلفاً، تُرجم القليل منها إلى العربية ومن أبرزها "قلق التأثر" و"خريطة للقراءة الضالة" (الكتابان من ترجمة عابد إسماعيل)، و"فن قراءة الشعر" (ترجمة باسل السمالمة)، و"كيف نقرأ ولماذا؟" (ترجمة نسيم مجلى).
كان بإمكانه أن يقتبس كلاسيكيات الشعر الأميركي والإنكليزي شفاهياً، إذ يحفظ الكثير منها عن ظهر قلب، ومرد ذلك حبه العميق للأدب، وشغفه به. هو الذي طالما سخر من مصطلح نظرية الأدب، وصنع شهرته من خلال قراءاته الشهيرة في أشعار الرومانسيّين، مثلما فعل في كتابه "صناعة أسطورة شيلي".
لم يكن بلوم كأبناء جيله واقعاً تحت سطوة إليوت، لقد تحرر منه تماماً وبدأ في كتابة دراساته متأملاً في طريقة الناقد نورثروب فراي، الذي زعم أنه قرأ كتابه عن وليام بليك "التماثل المخيف" قرابة مئة مرة، والذي قال إنه حفظه و"لن يفلت أبداً من تأثيره".
بعد أن شغله موضوع الرومانسيين لسنوات، انهمك بلوم في مسألة "الأصالة" فوضع كتابيه الأكثر أهميةً في مسيرته، "قلق التأثر" و"خريطة للقراءة الضالة"، والذي يحاجج فيهما بأن النصوص تولد في ظل أسلافها، معتبراً أنه لا يمكن لشاعر أن يكتب قصيدة، دون أن يتذكر، إلى حد ما، قصيدة أخرى، وتناول أيضاً مركزية الأعمال الكبرى للأدب في الثقافة الغربية.