هل هي حالة تردّ شامل في الذوق الرسمي والعام، أم أنها إساءاتٌ مقصودة للرموز الوطنية؟ سؤال بات ملحّاً لفرط تكرار إنجاز تماثيل ليست فقط بعيدةً عن الملامح الحقيقية للشخصيات التاريخية التي يُفترض أنها تجسّدها، وإنما تفتقد إلى الحد الأدنى من شروط وجماليات العمل الفني، ما يجعلها تشوّه تلك الشخصيات ولا تجسّدها.
ينطبق ذلك، على ما يُفترض أنه تمثالٌ للمناضل الجزائري وأحد وجوه الثورة التحريرية العربي بن مهيدي (1923 - 1957)، الذي أُزيل عنه الستار، أوّل أمس، في مدينة عين مليلة في محافظة أم البواقي، شرقي الجزائر، بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لاستشهاده.
فالتمثال النصفي الذي صُنع باستخدام الإسمنت الأبيض، وفضلاً عن ملامحه لا تُشبه تماماً ملامح بن مهيدي، حسب ما نقلت وسائل إعلامية محليّة عن شقيقته، بدا أقرب إلى الصورة الكاريكاتورية؛ إذ عمد مصمّمه إلى تشويه ملامحه، بحيث بدا الوجه طويلاً جدّاً، وبنتوءات ظاهرة، ما أثار استياء سكّان المدينة، وهو استياء وجد صدىً عبر مواقع التواصل الاجتماعي اليوم.
قبل ذلك، أزالت السلطات المحلية تمثالاً لـ بن مهيدي كان منتصباً في المكان نفسه، ونقلته إلى مسقط رأسه دوار الكواهي، وهي حالياً منطقة مهجورةٌ ولا يقطنها أحد، ما جعل المدينة تفقد معلمها الوحيد.
وتعيدُ الحادثة إلى الأذهان حادثة مشابهة وقعت قبل سنة، حين نُصب تمثال للمفكّر ابن باديس في مدينة قسنطينة، بمناسبة افتتاح تظاهرة "عاصمة الثقافية العربية"، فأثار التمثال استياء وسخرية، للأسباب نفسها، ما دفع السلطات المحلية إلى إزالته بعد قرابة 48 ساعة فقط من تنصيبه.
وفي انتظار إزالة التمثال الجديد، بادر نشطاء إلى تغطيته بالعلم الجزائري، بحسب ما أظهرته صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضاً: سمير بن صالح: من شوّه اللوحة؟