لا شيء لديه، ليأكله هذه الليلة على العشاء،
الإيجار المتأخّر سيبقى متأخراً إلى حينٍ
والسّعال لن يقاطِعه بأيّ دواءٍ
الموسيقى المفضّلة يصدرها جيبهُ وهو يصفّر،
ومع أنّه بلا عملٍ على ما يبدُو
إلا
أنّه يقضي الليل كُلّه
في
"توظيفِ الكلمات"
"توظيف الكلمات"
يا له من عمل يصدّع الرأس!
ثمّة دائماً طوابير
لا تنتهي
من الكلمات تطرقُ البالَ
فورَ أن يصلها خبرُ فراغٍ مهما كان صغيراً
في سطر أو قصيدة.
يشيرُ الكاتبُ إلى القاموسِ الضّخم
على المكتب
"أنظري!
الكثيراتُ
عاطلات منذ قرونٍ عن العمل،
لكنها لا تثيرُ مثلك كل هذه الجلبة".
لكن الكلمات لا تعيره أيّ انتباه،
تستمرّ في المشي جيئة وذهاباً
بأحذيتها ذات الكّعب العالي،
مشوشّة ذهنَه
بالعطور الفاخرة
وهي تتكلّم عبر الهواتفِ وتضحك.
يصرخُ الكاتب:
- فلتترك كلّ واحدةٍ سيرتها المهنية هنا.
تسرعُ كل كلمة لتجد مكاناً لها على المسودّات
-سنتصل بكِ قريباً أيّتها الكلمات
ويعرفُ أنّه لن يفعل.
يجلس عند النافذة
ويتمنّى لو يراها من جديدٍ
تضعُ فوق رأسِها وصلةَ الخُبزِ
أو تحمل سطلاً عائدةً من الحمّام الشّعبي
أو فقط تقزقزُ بعينين مغروروقتين
بذورَ
عبّاد الشمس
بلا أيّة وجهة.
وحين تظهرُ له
تلك الكلمة
التي لم تذهب أبداً إلى مدرسة
ولا خبرةَ بعدُ لديها في القصائد.
يتمسّكُ بقدميها المتشقّقتين
ويقسم أنّه لن يسمح لها أبداً
أن تذهب بعيداً
من جديد.
* شاعرة من المغرب