في رواية "ضوء أوغست" لفوكنر، تقول البطلة لينا غروف: "أعرف أن الرب سيتدبر أمره بحيث تكون العائلة كلّها هنا حين يولد الصبي". وغروف، المقطوعة من شجرة، حبلى من عابر لا تعرفه، فعن أي عائلة كانت تتحدث المجنونة!
الأمر كلّه متعلّق بقوة الكلمات، ففي نهاية الرواية يتدبّر فوكنر أمره فعلاً ويحقق العائلة المستحيلة، عائلة من مجموعة غرباء لكنها متماسكة معقولة ومنطقية. وإذا كان الأمر مألوفاً، أعني أن يحقق الكاتب المعجزات، فإن القارئ أيضاً قادر على أن يصنع التئامات غريبة وأن يصنع لمّ الشمل المدهش بين أناس ما كان ليجمع بينهم جامع لولاه.
في مقال عن عمر الخيام الذي عُرفت رباعياته بالإنجليزية بفضل المترجم إدوارد فيتزجرالد، يقترح بورخيس علاقة تشبه الزواج بين الخيام (القرن الثاني عشر) وفيتزجرالد (القرن التاسع عشر).
شخصيتان لم يكن من الممكن أن يلتقي أحدهما الآخر، لكن لمّ الشمل يحدث، الالتئام الغريب نفسه يتحقق، بل إن أحدهما يكمّل الآخر.
وفي مقال أجمل عن كافكا وأسلافه (زينو وكيركيغارد وبراونينغ)، يلمّ بورخيس أيضاً شمل إحدى العائلات المستحيلة من جديد، يجعلنا نرى تلك الجينات التي نعترف بها نحن القرّاء فقط. الجينات التي تجعلنا نعيش لحظات قوية من الالتئام مع كتّاب أو شخصيات أو حتى أن نتحقق كمعجزة في صفحة من كتاب.