يناقش الكاتب رغبة الناس في المجتمعات المعاصرة في تسلق السلّم الاجتماعي، وما ينتج عن ذلك من قلق واضطرابات تجاه كيف يرانا الآخرون وكيف يفكّرون بنا، حيث يرى دو بوتون أن القلق الدائم والاحتراق النفسي ليس إلا نتيجتين طبيعيتين لا يمكن تجنبهما في أي مجتمع يقوم على المنافسة.
يأتي الكتاب في جزأين الأول بعنوان "الأسباب" ويتضمن أبواباً حول انعدام الحب، والتطلعات، والاعتماد، والجدارة، والغرور. أما الجزء الثاني فهو عن "الحلول"، ويشمل الفلسفة، والفن، والسياسة، والدين، والبوهيمية.
يقول مترجم العمل في حديث لـ"العربي الجديد"، إن دو بوتون "حوّل الفلسفة إلى كبسولات مفيدة للناس في الحياة اليومية". ويرى أنه كتاب يهمّ القلقين الخائفين من عدم تحقيق مكتسبات تتعلّق بالمكانة الاجتماعية، حيث يعود الكاتب وفقاً لعبد النبي، إلى "لعبة المكانة في التاريخ ويكشفها، ليقول إنه وفقاً للمعايير الإنسانية الحقيقية فإن هذه المكانة فقاعة ليس إلا".
حول ترجمة هذا العمل بالذات يوضح: "قرأت قبل هذا العمل كتابين لدو بوتون صدرا أيضاً عن دار التنوير، الأول "كيف يمكن لبروست أن يغير حياتك"، والثاني "عزاءات الفلسفة"، ووجدت أنه من المهم نقل هذا التوجّه البسيط والخفيف والعميق في نفس الوقت في الكتابة، إلى جانب لغة دو بوتون الجميلة وسعة اطلاعه الموسوعية والتي يستخدمها بذكاء".
يقول الكاتب إننا حريصون على الوصول إلى مكانة ما لسبب بسيط؛ وهو أن الآخرين يعاملوننا بشكل أفضل بقدر ما لدينا من مكانة، وأنه ليس من قبيل المصادفة أن يكون أول سؤال يطرح على المرء حين يلتقي بأحد جديد هو ماذا يعمل؟
يستعين دو بوتون بالفلاسفة والفنانين والكتّاب في تتبع تاريخ السعي إلى مكانة، منذ نتائج الثورة الفرنسية وصولاً إلى اليوم، سنجده يعود إلى آدم سميث وديفيد هيوم وهوبز ودو توكفيل وماركس وروسو وبرنارد شو وآخرين، حيث تقوم مقولة الكاتب في "قلق السعي إلى مكانة" على فكرة أننا نشعر بشكل أفضل حين نفهم مشاعرنا، وهذا يقتضي بالضرورة الحديث عنها، وبالعودة إلى هؤلاء الكتّاب والفلاسفة فإنه يعطي القارئ بعض أدوات قراءة هذه المشاعر والأفكار.
من جانب آخر، يعتبر دو بوتون أن الثورة الأميركية سبب في أن الأفراد في المجتمع الغربي عامة، يعيشون تحت افتراض أننا في عصر الجدارة والاستحقاق، حيث يمكن لطفل أن يظهر دقائق على يوتيوب ويجني الملايين، ويكد عامل طيلة اليوم ليجني أقل من القليل، فنصل إلى مجتمع يقيس فيه الناس أنفسهم بمن هم أعلى ومن هم أقل منهم، وكلما زاد الثراء زاد شعور المرء بالحاجة إلى الحب نتيجة لهذه الروح التنافسية القاسية.
الكتاب لدى صدوره كان واحداً من الأكثر مبيعاً في حقل "التنمية البشرية"، وقد طرحت في بعض عروضه تساؤلات عن الكاتب نفسه سليل عائلة من أثرى العائلات السويسرية ووالدته واحدة من أشهر مقتنيات الفن في أوروبا، حيث السؤال المشروع إن كان من الممكن لمن لم يعرف قلق السعي إلى المكانة أن يكتب فعلاً عنها (طبعاً لا تغيب عنا ميول دو بوتون الصهيونية التي أعلنها في أكثر من مناسبة، وتأثير جدته الجاسوسة الشهيرة للحركة الصهيوينة في مصر يولاند هارمر عليه).
الكاتب مارك سيمبسون تناول الكتاب في مقال شبه حانق في صحيفة "إندبندت"، يقول فيه "من الصعب التغاضي عن مفارقة أن واحدة من البضائع القليلة التي يفترض أنه لا يمكن شراؤها بالمال هي "الحكمة"، وأن هذه البضاعة بالذات هي التي يعرضها دو بوتون للبيع في السوق. وأشك أن هناك مفارقة أخرى هنا، أن جزءاً مما يشتريه الناس حين يشترون كتاب دو بوتون هو رائحة التعليم المكلف، رائحة المكتبة المرتبة والغنية والوقت والأمان الذي يسمح بالتمتع في قراءتها، خالي البال من كل الهموم المادية التي تثقل معظم الناس".