رحل الكاتب العراقي علي الشوك (1930-2018) في إحدى مشافي لندن مساء أمس، تاركاً العديد من الروايات والمؤلفات والمقالات متعددة المضامين والاهتمامات، وكان آخرها سيرته الذاتية التي صدرت في 2017 بعنوان "الكتابة والحياة" التي صدرت عن دار المدى.
ولد الشوك في الكرخ وسافر إلى بيروت عام 1947 لدراسة الهندسة المعمارية، لكنه غيّر تخصصه لاحقاً ودرس الرياضيات وعاد إلى العراق ليعمل مدرساً فيها، ولدى رجوعه إلى بلاده انغمس في السياسة ملتحقاً بالحزب الشيوعي والعمل السري إلى أن اعتقل فترة في الخمسينيات.
خرج الشوك من السجن ولكن جرى التضييق عليه لاحقاً، وفي السبعينيات غادر بلاده متنقلاً بين بلدان كثيرة بين براغ وبودابست وفيها التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية إلى أن استقر أخيراً في لندن عام 1995.
أصدر الراحل العديد من الكتب التي يكاد ينفرد في تعدد مواضيعها بين الكتّاب العرب، فكتب في التراث والموسيقى واللغات القديمة والأدب والعلوم إلى جانب الرواية فقدم "الأطروحة الفنتازية" (1971)، و"كيمياء الكلمات" (2001) وفيه يتناول أصل الألفاظ والتلاقح بين اللغات والتفاعل بينها ويقدم في أحد فصوله قراءة في كتاب "الاشتقاق" لابن دريد.
كذلك كتب "جولة في أقاليم اللغة والأسطورة" (1998) وهو عمل حول العلاقة بين اللغة والأسطورة، والتصورات عن الطبيعة والإنسان التي اتخذت تعبيرها في أقدم الصيغ اللفظية، وعن الخصب والأشجار والطبيعة والزمن والمفردات الرعوية في الأسطورة واللغة.
أما كتابه "أسرار الموسيقى" (2003) فيبحث في المدارس الموسيقية المختلفة، وهو مكتوب بلغة أدبية رغم احتوائه على كمية كبيرة من المعلومات مثلما هي معظم كتبه. وفي عمله "الموسيقى بين الشرق والغرب" يقوم بجولة تاريخية في سيرة الموسيقى بدءاً من العصر الحجري إلى سومر وآشور وبابل ومرورًا بالعصور الوسطى وصولاً إلى بالعصر الحديث.
وفي "تأملات في الفيزياء الحديثة"، يلقي الراحل الضوء على ميكانيك الكم في فيزياء الذرة، و"نظرية الانفجار الكبير" في علم الفلك (الفيزياء الكونية). وهو يقدم قراءة مخالفة للموقف الذي تتبناه المؤسسة العلمية الرسمية في هذين الحقلين. ويتطرق إلى الانحياز الأيديولوجي والسياسي في العلم، لدى المؤسسة العلمية الرسمية.
كتب الشوك الروايات ولكنها لم تلق النجاح مثل كتبه الأخرى، صدر له في السرد: "تمارا"، و"رسالة من امرأة ليست مجهولة"، و"فتاة من طراز خاص"، و"الأوبرا والكلب"، و"السراب الأحمر" وغيرها.
في سيرته الذاتية يتأمل الشوك كتابته فيصف نفسه "أنا لم أولد صاحب موهبة في الكتابة، لكنني ولدت ولديّ استعداد للقراءة! القراءة وليس الكتابة، كانت موهبتي".