منذ الثامن عشر من الشهر الجاري، ومع انطلاق سلسلة عروض له في باريس، أخذ اسم الكوريغراف اللبناني علي شحرور (1989) يتردّد في صفحات الصحافة الثقافية الفرنسية، فما يقدّم له من أعمال في عدد من القاعات الباريسية يبدو أنه (إلى جانب جدارته الفنية) يثير فضول الذائقة الفرنسية نحو ما يدور في الذهنيات المشرقية، دون أن يكون في تناقض حاد مع السياق الفكري العام الذي توجّهه الأحداث الإرهابية منذ فترة ويصنع أنماط العلاقة بين الطرفين.
العملان اللذين يقدّمهما هما "فاطمة" (أنتجت في 2014) و"ليلى تموت" (أنتجت في 2015، عرضت أيضاً ضمن فعاليات "مهرجان أفينيون" المسرحي)، وهما عملان يوّظف فيهما شحرور المفردات البصرية للتقاليد الجنائزية محوّلاً إياها إلى لوحات رقص معاصر ضمن سياقات تعبيرية مغايرة عن أصولها الواقعية، وكأنه يحاول ان يخاطب المزاج الجنائزي المنتشر اليوم بلغة مضادة له، أو يجري تحويلاته في داخل هذا الخطاب.
في عَمَليْ شحرور تتواجه مركزيّتان: مركزية اللون الأسود ومركزية المرأة، واللتان تقفان مثل قطبين متباعدين، فإذا كان السواد رمزاً للأحداث والهواجس القاتمة، فحضور المرأة كأنه بحث عن دور فاعل للنقيض الطبيعي لفكرة التدمير "الذي يصيب العالم اليوم".