بالعودة إلى عالم سعد الله ونوس الذي كان مقرّباً منه، قدّم الناقد فيصل درّاج قراءته لأعمال المسرحي السوري، من خلال محاضرة "راهنية مسرح سعدالله ونوس" التي ألقاها أمس في "دارة الفنون" في عمان.
يبدأ درّاج في محاضرته من ذكريات شخصية مع ونوس، حيث يكشف أن الأخير كان يفكّر عام 1982 في عمل يرصد علاقة المثقف بالسلطة، وقد وجد في شخصية ابن خلدون ضالته.
يعتبر درّاج أن تلك الخطوة كانت إشارةً إلى أن المثقف العربي قد انتقل من "النقد السياسي" إلى "النقد الثقافي"؛ أي إلى نقد ذاته قبل الدخول في تحميل المسؤولية للآخر، السلطة أو الجمهور كنماذج من الآخر.
من جهة أخرى، يكشف درّاج أن البحث في هذا الاتجاه اقتضى من ونوس تطوير مسرحه، بداية من العمل الذي سيستوعب فكرته عن ابن خلدون "منمنات تاريخية"، حيث سيفكر في الموازاة بين البحث المعرفي الذي يسلّي، والخروج بخلاصات فكرية؛ أي أنه أصبح يرى دوره كمسرحي هو أن يكون باحثاً في التاريخ وفي الأشكال الفنية في آن.
من هنا، يرى دّراج أن ونّوس "استدرك قصور المؤرخ". وهو يضيء من خلال هذه القراءة مجمل تجربة ونوس بمختلف محطاتها في أعمال مثل "حفلة سمر من أجل 5 حزيران" و"مغامرة رأس المملوك جابر" و"الفيل يا ملك الزمان" و"الملك هو الملك. أي أنه في الآن نفسه يبيّن أن السؤال، وإن كان علنيّاً في 1982، فإنه كان مضمراً قبل ذلك، كما أنه أخذ يتطوّر في السنوات اللاحقة.
لكن، من زاوية نظر أخرى، يرى درّاج أن ونوس حين استدعى التراث قام بترهينه، وهو يرى في الأمر نجاحاً مضاعفاً لصاحب "ملحمة السراب"، حيث أنه شرع في "التحرر من الأشكال المسرحية الغربية أو المتغربة" وبالتالي بدأ في "التأسيس لمسرح عربي ونقد الواقع المعيش بعناصر جمالية، يأنس إليها المتفرّج العربي، ولا يشعر إزاءها بالغربة"، ومن هنا راهنية مسرح ونوس.
اقرأ أيضاً: المثقف المصلوب والأراجوز الفيلسوف: المسرح والتناص مع المستقبل