انتقلت فكرة اللمة من القاهرة إلى مدن أخرى داخل مصر، ثم انتقلت إلى بلدان عربية أخرى. وفي الجلسة التي تعقدها "اللمة" عند الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم في "مجاورة، جمعية الفكر العمراني" بالعاصمة المصرية، يطرح الباحث أحمد عبد المجيد موضوع "كيف تحدثنا العامية".
وإن كانت الجلسة النقاشية تستعير عبارة من إحدى أغاني الفنان الشعبي أحمد عدوية "السح الدح امبو" كتعبير عن العامية المصرية، لكنها أيضاً ترى في هذه العبارة دلالة على التئام ثلاث "عاميات" في الدارجة المصرية، فكلمة السح وفقاً للمنظمين، فصحى وتعني الماء، والدح، قبطية ومعناها القبيح، وامبو فرعونية وتعني الماء أيضاً.
في هذا السياق تطرح المحاضرة تساؤلات حول الكيفية التي تتغير بها اللغة الأم للبلد ثلاث مرات في فترة زمنية قصيرة نسبياً إذا ما قورنت بـ "حضارات أخرى كانت لها أيضاً لغتها الخاصة واستمرت، كالتركية والفارسية، من دون أن يكون هناك صدام بين الروافد الثلاثة، شديدة الاختلاف وهي الفرعونية واليونانية والعربية" وفق ما يقول بيان المنظمين، مضيفاً "كيف يمكن أن نُعيد اكتشاف هويتنا من خلال اللغة، من خلال الكلمات التي تدور على ألسنتا كل يوم وكل لحظة".
يرى المنظمون أنه وعبر تأمل رصيد المفردات العامية المصرية يمكن رسم تصور للكيفية التي تراكمت بها هذه الكلمات والتعابير من منابت وجذور مختلفة واندمجت الفرعونية بالعربية والقبطية.
لكن عملية التراكم هذه لم تكن متنافرة، وفقاً لبيان المحاضرة بل إنها جرت من خلال "عملية توفيق وموائمة شديدة الحساسية والمرونة، أن تبقى، جنباً إلى جنب، الطقوس الفرعونية فى الولادة والموت مع اللغة القبطية وخصوصيتها لدى المصريين، مع مفردات الإسلام".
يذكر أن هناك مراجع كثيرة بحثت في الموضوع، فقد أصدر المؤرخ محمد رمزي ستة مجلدات بعنوان "القاموس الجغرافي للبلاد المصرية" تطرق فيه إلى أسماء المدن والقرى والنجوع والكفور، وأصولها الفرعونية والقبطية، كما أصدر الآثاري محرم كمال عام 1956 كتاب "آثار وحضارة الفراعين في حياتنا المعاصرة". ومن المنقبين في أصول الأعلام في مصر تقي الدين المقريزي، ومن الأوروبيين الذين كتبوا حول الموضوع نفسه في نهاية القرن التاسع عشر، الفرنسيون: المؤرخ إميل أميلينو، وعالم المصريات غاستون ماسبيرو والكاتب تيوفل غوتييه.