أقيم يومي 26 و27 أيار/ مايو الجاري، في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة "بجاية" في الجزائر، ملتقى تحت عنوان "فرانز فانون: الثورة الجزائرية والنزعة متعدّدة التخصّصات"، تناول فيه المشاركون فكر فانون (1925 - 1961) مسلّطين الضوء على دور اختصاصه في تفسير منجزه الفكري، حيث وظّف علم النفس في تفسير إحدى أبرز ظواهر العلاقات الدولة، الاستعمار.
أضيئت خلال الملتقى جوانب من مسار هذا المناضل خاصة وأنه عاش سنواته الأخيرة في الجزائر، كطبيب نفساني في مستشفى البليدة. وهي التجربة التي سمحت له بالاقتراب أكثر من عمق الجدلية التي طالما اشتغل عليها؛ أي علاقة المستعمِر بالمستعمَر، إذ حللها انطلاقاً من تعريفه للاستعمار بأنّه "حالة عُصابية"، كان لها التأثير العميق في نفسية المستعمِر والمستعمَر في الآن ذاته.
توزّعت مداخلات المشاركين الذين قدِموا من مختلف جامعات الجزائر وخارجها؛ ومن المغرب وفرنسا ومالي، على جملة من المسائل ذات الصلة بمسار حياة فانون، ابن جزر المارتينيك، وكتاباته، ومواقفه السياسية من الثورة الجزائرية.
أجمع المشاركون على أهمية كتابات فانون في بناء مشروع حقيقي لفكرة "المقاومة المضادة" للاستعمار، خصوصاً وأنها ارتبطت عميقاً بتحليله لفكرة "الزنوجة" التي اعتبرها "نتاج أيديولوجيا الإنسان الأبيض".
من جهتها، أثارت الباحثة من جامعة تيزي وزو، بوخلو فاطمة مليكة، مسألة "العنف الاستعماري" في كتاب فانون الأشهر "معذبو الأرض" الذي تأسّست حوله التيارات الفكرية والسياسية العالمثالثية.
وتمحورت مداخلة البروفيسور وحيد بن بوعزيز، من جامعة "الجزائر 2"، حول "تلقي وراهنية فرانز فانون بين التوظيف ما بعد الكولونيالي وكمون تصفية العالم من الاستعمار"؛ إذ أشار إلى تلقي أعمال فانون عند منظري الدراسات ما بعد الكولونيالية مثل إدوارد سعيد، خصوصاً في كتابه "الثقافة والإمبريالية" وهومي بابا في كتابه "موقع الثقافة". وفي هذا الأخير، اكتشف الباحث أنه جرّد فانون من فكرة "الصراع" تحت تأثير من الفكر التفكيكي.
اتسم يوما الملتقى بالنقاش الذي دارت أطواره بين الأساتذة الباحثين، وقد أكد عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، هشام شراد، أهمية الالتفاف حول أفكار فانون بما تتحلّى به من روح نضالية، ومن فكر تحرّري ومن تحليل عميق لـ "سيكولوجيا الاستعمار".