يعيش فضاء "مسار" في العاصمة التونسية حركية استثنائية هذه الأيام. ليس في إطار فعاليات منظمة، وإنما في سياق حملة مساندة من الفنانين دعماً لهذا الفضاء بعد صدور قرار قضائي بإغلاقه.
يقول المسرحي الشاب حمدي مجدوب، أحد الفاعلين في تظاهرات المساندة، لـ "العربي الجديد": "يمثّل فضاء مسار بديلاً وملجأ وأساساً للمشروع الثقافي الذي ينبغي أن يتحقق في هذه البلاد".
وفي علاقة مع التجربة التي يخوضها في ما يعرف بـ "كلام شارع" التي تبحث عن تأسيس فن خاص بالشارع، يقول: "المشتغلون في مشروع كلام الشارع يعتبرون مساندة "مسار" واجباً قبل أن يكون رد جميل، بما أنه كان أول الحاضنين لتجربتنا كفضاء مغلق متى حالت العوامل المناخية دون إنجاز نشاطنا".
ويتمثل الحكم القضائي بأمر بإخلاء المحل الذي يشغله "مسار"، منذ أربع سنوات، بعد دعوى رفعها المؤجر طالب فيه المشرفين بإخلاء المكان، باعتبار انتهاء مدة الإيجار. ويرفض القائمون على "مسار" هذا الحكم، باعتبار أنه مخالف للقانون الذي ينصّ على أن "غلق الفضاءات الثقافية وتحويل نشاطها لا يقع إلا بإذن من وزارة الثقافة".
اعتماداً على ذلك، وجّه القائمون على الفضاء والفنانون المساندون دعوة صريحة إلى وزارة الثقافة التونسية يطالبونها فيها بالتدخل الفوري لحماية الفضاء، علاوة على القيام بإجراءات استئناف الحكم القضائي. كل ذلك لا يمنع مساندي مسار من التخوف، خصوصاً وأن المنسقة العامة لفضاء "مسار"، نجلاء الجريدي، أكدت لـ "العربي الجديد" أن وزارة الثقافة لم تحرّك ساكناً حتى الآن.
يعتبر حمدي مجدوب أن "التضييق على مسار مقصود، والسبب في رأيي نجاح المشروع". ويضيف ساخراً: "السائد ثقافياً يرفض قطعياً أن تتطور حياة ثقافية في الأحياء الشعبية، إذ لن تبقى لهم ضحايا يتاجرون بها وسيصاب سوق الانحراف والإجرام بالكساد".
يوم الجمعة 6 مارس/ آذار 2015، نفّذ مساندو "مسار" وقفة تضامنية تمت فيها صياغة بيان جاء فيه إن "مسار ليس وحده، وما يجري الآن يستهدف كل مقاومة ثقافية وفنية".
ولعل "مسار" لم يعرف حركية ثقافية بالكثافة التي يعرفها هذه الأيام، حيث لا تنقطع الفعاليات إلا لبضع ساعات يومياً، بين العروض المسرحية والموسيقية والشعرية والنقاشات المختلفة. وتتواصل هذه الأنشطة، حسب الجريدي، حتى يوم الخميس 12 آذار/ مارس موعد جلسة إصدار الحكم القضائي الجديد.
يبدو أن معظم المشاركين تجمعهم قناعة بأن "السياسة المنتهجة في تونس دائبة على قتل التجارب الفنية والتضييق عليها" كما يقول حمدي مجدوب. ويشير إلى أن "فشل مسار هو فشل المشروع الثقافي في هذه البلاد".