في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الفلسفة والسياسة والفكر والتاريخ.
■ ■ ■
يصدر قريباً عن دار "الساقي" في بيروت، كتاب "العصيان، من التبعيّة إلى التمرّد" للكاتب الفرنسي فريديريك غرو، بترجمة لـ جمال شحيّد. في العمل يعيد غرو النظر في جذور الطاعة السياسية، فيتناول محاور من قبيل التوافق الاجتماعي، والخضوع الاقتصادي، واحترام السلطات، وقبول الجماهير، بوصفها ليست إلا أنماطاً من الطاعة التي نعطيها أنفسنا وتتيح لنا دراسة وابتكار أشكال جديدة من العصيان مثل المعارضة المدنية. ويتناول غرو الفكر الفلسفي السياسي الذي يجعلنا نستعيد الإحساس بالمسؤولية السياسية والمقاومة الأخلاقية.
"فلسطين دولياً: صعود اليمين في العالم وإعادة رسم التحديات" عنوان الكتاب الصادر حديثاً عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" في بيروت لمجموعة من الباحثين؛ منهم: أحمد سامح الخالدي، ورشيد الخالدي، ونعوم تشومسكي، وغريغوري كوساتش، وسوزان موريسون، وهو من تحرير جميل هلال ومنير فخر الدين وخالد فراج. يضمّ العمل أوراق ندوة نظّمتها المؤسسة حول تحوّلات جامعة شملت عدة مراكز ودول منها الولايات المتّحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والهند، وأميركا اللاتينية، والمؤسسات الدولية، والمسألة الفلسطينية والحملة الدولية للتضامن الفلسطيني.
يقارب الباحث الاقتصادي البريطاني، بول كلير، في كتابه "مستقبل الرأسمالية: مواجهة القلق الجديد"، الصادر حديثاً عن "منشورات هابر كولنز" في نيويورك، التباينات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تُوسّع الفجوة بين المدن المزدهرة مقابل الأطراف المهمّشة، والنخبة ذات المهارات العالية مقابل شرائح اجتماعية أقل تأهيلاً وتعليماً، والدول الغنية مقابل الدول النامية، محاولاً إجراء مقارنة بين صعود الديمقراطيات الاجتماعية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وبين عودة اليمين وانتخاب ترامب والبريكست اليوم.
في كتابها الأخير "سبينوزا.. طريق أخرى"، الصادر مؤخراً عن منشورات "سيرف"، تقدّم الباحثة الفرنسية بلاندين كريغل قراءة تاريخية وفلسفية في منجز الفيلسوف الهولندي، معيدةً في الأثناء بناء سيرته في علاقتها بمؤلّفاته. ترى كريغل أنه، وبالرغم من الاعتراف بصاحب كتاب "علم الأخلاق" كأحد أهم وجوه الفكر في القرون الأخيرة، إلا أنهبقي يُقرأ خارج إطار الحداثة الفلسفية وكأنه مفكّر قروسطي. من خلال هذه العودة إلى سبينوزا، تثير كريغل أسئلة مثل: هل التفلسف ممكن اليوم؟ وما شرعية مقولات النهايات، مثل نهاية التاريخ وموت الإنسان؟
"مآزق لينين.. الإرهاب والحرب والإمبراطورية والحب والثورة"، عنوان الكتاب الذي صدر مؤخراً للكاتب البريطاني من أصل باكستاني طارق علي (1934) بترجمة أميز زكي عن "الكتب خان". يعود العمل إلى زعيم الثورة البولشفية باعتباره شخصية درامية، وليست تاريخية فحسب، حيث يضيء المؤلّف، إضافة إلى الجوانب السياسية والفكرية المعروفة، زوايا من عوالمه الشخصية مثل ميولاته في الموسيقى الكلاسيكية، وعلاقاته الأسرية زمن النضال السياسي في فترَتي الثورة والحكم، كما يشتغل على سنوات المنفى والزعامة، ويخصّص جزءاً من العمل للحديث عن موته.
عن "معهد تونس للترجمة"، صدر مؤخراً كتاب "الإنسان الرومنطيقي" للمفكّر الفرنسي جورج غوسدورف بترجمة أنجزها الباحث التونسي محمد آيت ميهوب. العمل صدر بلغته الأصلية في 1984 وهو جزء من سلسلة "العلوم الإنسانية والفكر الغربي" التي تمتد على 12 جزءاً وتمثّل موسوعة وضعها غوسدورف حول الفكر الحديث. يضيء العمل الجذور التاريخية لصعود النزعة الرومانسية في الأدب والفكر والفن، مبرزاً الرهانات الطبقية والسياسية التي صاحبت ذلك خصوصاً في ما يتعلق بتبعات الثورة الفرنسية وردود أفعال الأوساط الرسمية والنخبوية تجاهها.
تحت عنوان "التجربة والفقر"، أصدرت منشورات "بايوت" الفرنسية ثلاثة نصوص للمفكّر الألماني الراحل والتر بنيامين. عنوان الكتاب هو عنوان نص منها كتبه بنيامين سنة 1933، أما النصّان الآخران فهما: "مهمّة المترجم" الذي كتبه سنة 1923، و"الحكّاء" المكتوب في 1936.
الخيط الناظم لجميع هذه النصوص هو انشغال المفكر الألماني بمسألة انتقال المعارف والخبرات بين الأجيال والثقافات، والتهديدات التي تعترض هذه العمليات، وهي أسئلة نبعت من القضايا التي فرضتها دوّامة الحروب التي عرفها العالم في النصف الأول من القرن العشرين.
عن "الأهلية" في عمّان صدر كتاب "المثقّف القلِق ضدّ مثقف اليقين" للباحث الفلسطيني خالد الحروب الذي يطرح تساؤلات عدّة؛ مثل: من هو المثقّف؟ ما دوره، وما التحوّلات التي طرأت على هذا الدور؟ مَن هو المثقّف القلِق، ومن هو المثقّف اليقيني؟ وما القلق أصلاً، وما اليقين، في القياس إلى منظومات الفكر والأيديولوجية والأديان والمذاهب؟حيث يرى أن المثقف القلِق هو التمثُّل الأكثر نضجاً للمثقّف الناقد، فهو من ناحية امتداد له في منهجية النقد والتفكيك، لكنه يختلف عنه باتصافه بسمتين أساسيتين: اللايقين واللاتمركز.