عرفَتْ كثيرٌ من المدن العربية طبقةً اجتماعية مُهمّشة، توصف بـ "مجتمعات الأندرغراوند" (التحت أرضية). يضمّ هذا العالم عوالم أخرى؛ عائلات فقيرة لم تجد مأوى لها سوى قبوٍ ما تحت الأرض، ومشرّدين يعيشون في الجهة الخلفية من المدينة وشوارعها، إلخ..
تبدو عاصمة مثل القاهرة مثالاً حيّاً على هذا النوع من العوالم، التي تتضمّن أيضاً مجتمعاً "فوق أرضي"، يعيش على أسطحة المباني للأسباب نفسها التي أودت ببعضهم إلى الحياة التحت أرضية.
لم يجد هؤلاء، غالباً، في ظلّ الاكتظاظ الذي تُعانيه المدينة، وسوء التوزيع العمراني، ملاذاً سوى أسطح المباني التي يصنعون فيها غرفاً يستأجرونها بأسعارٍ زهيدة. في بعض الأحيان، يفترشون زاويةً من السطح، وتتحوّل، تدريجياً، إلى غرفة، أو غُرف.
هكذا، صعدت مجموعة "خفافيش القاهرة"، التي تضمّ مجموعةً من المصوّرات الفوتوغرافيات، إلى بعض من تلك الأسطح طوال السنتين الماضيتين، ليتعرّفن إلى عوالمها عن قرب؛ شكل الغرف، السجاجيد المفرودة والمعلّقة، أطباق الأقمار الصّناعية، المفروشات، الدّلاء، الرسومات العشوائية على الجدران، إلخ..
كلّ هذه التفاصيل، تُعرض الآن في "مركز الصورة المعاصرة"، ضمن معرض بعنوان "السطوح"، افتُتح قبل أيام، ويتواصل حتى التاسع من نيسان/ أبريل المقبل.
لم تكتفِ المصوّرات باقتراح لقطات لتلك العوالم، وإنّما تدخّلن فيها أيضاً؛ إذ طوّرن مداخلاتٍ أدائية هزلية تُحاكي الملامح المعمارية لتلك الأسطح، وما تحتويه من تفاصيل. هكذا، يحاولن إضافة العنصر الإنساني وتتبُّع علاقته مع هذه الأماكن التي شكّل تراكمها تشوّهاً بصريّاً، وإنسانياً ربّما، تسبّب به التلاشي التدريجي للطبقة الوسطى، وتغوّل الفقر.
تضم مجموعة "خفافيش القاهرة" كل من مي الشاذلي وإيفون بوخيم وماجدلينا كالينبيرجر وهاجر مسعود ونادية منير وأمنية نجيب.
اقرأ أيضاً: محمد عبلة.. عودة الفنان إلى مرسمه