اكتفوا بمنحنا العيون، ولمّا شرّفونا بمشاهدة البيت وهو يحترق، فهمنا كلَّ شيء.
يحتفظ الخشب بالنيران، يربطه بجذور كانت شجرات في ما مضى، يعلم أن احتراقه هو ما تبقّى من البذرة، وأنَّ الخصوبة توجد حيث ترمي الأرض أسرارها.
اكتفوا بمنحنا الأيادي. ملامسة الأرض بعد الحريق كي نفهم. الأصابع تشدُّ على الرحم، حيث ولدت في زمن ما خطواتنا.
الآن أدركنا أنَّ كلَّ شيء ديْن، وأن الأرض ليست إلا عزلة مشتركة.
يصطدم الصوت بالصوت. أصبح الطريق من كلمة لأخرى هاوية وانشقّ صدوعاً، كي لا نموت من الجوع، ومقاطع الكلمات تشبَّثت بالنَّفس الأخير.
هي الطيور التي ترتعش وهي تتمسَّك بخيط الحياة الرفيع
الطيور التي تبحث عن الموت الآن.
ماذا نقول إذاً للنور الذي ينطفئ الآن تحت يدك، إن كان الصمت يفرض نفسه والكلمات الأخيرة تشكل جزءاً منّا عند الهروب.
***
"نادوا على الأطفال الذين يجمعون الرماد ويزرعونه" جيورجيوس سفريس
عادت لنا الأرض
التي كانت لآبائنا يوماً. عادت لنا ذرّة ذرَّة. كلّها على الجبهة التي يُسمع فيها عواء الموت.
أمٌّ نفترض أنها تستلقي تحت عشبة جفّفتها شمس الغضب.
أب، حسبما أخبرونا، ما زال يعاني من تقطيع أعضائه في ليالٍ غاب عنها قمرٌ ناشدنا أن نعثر عليه.
عادت لنا الأرض التي كانت في الأصل لآبائنا. حاولنا أن ننقل كل جذر مربوط بالماضي. وبعد أن حصدنا أول زرع، تركنا الأثلام مكشوفة. خطواتنا الممتزجة بخطواتهم، سيغريها الدم.
ليس من أجل الظلام ولا الموت، علينا أن نبني بيتاً من الكلمات، يشبه الغناء، راحة بسيطة للجسد، نشأت من النور الخافت المؤقت بالتأكيد، لكنه في النهاية نور على أية حال.
مقاومة ضد النسيان الذي لا يتلاشى في الدماء، الذي لا يستحق الدماء، يصبح إيقاع القلب الخافق تحت النيران وهو يقاوم، كمقطع كلمة توّاقٍ يرفض أن يتحول رماداً. لأنَّ الرماد على الرماد هو الكلمة مع الصمت، هو كل شيء.
*LUIS ARTURO RESTREPO شاعر كولومبي ولد في مديين عام 1983، من أعماله "رهان الرماد" (2010)، و"قدّاس من أجل تاركوفسكي" (2012).