مثلّت أغاني الفنان المصري الشيخ إمام عيسى، علامة بارزة ضمن الأغنية السياسية في النصف الثاني من القرن العشرين، فإضافة إلى الجانب الفنّي في تناول القضايا الحارقة في مصر والبلاد العربية بشكل عام، كانت هناك مدوّنة نصّية ثرية ترافق منجز الشيخ إمام باتت تمثّل مع مرور الزمن علامات تشير إلى محطات تاريخية، كأغاني "اتجمّعوا العشاق"، و"جيفارا مات"، و"رجعوا التلامذة"، و"الحمد لله خبطنا".
كثيراً ما جرى الاعتماد على هذه المدوّنة للحديث عن الشيخ إمام، غير أن الكاتب المصري سيّد مهدي عنبه يحاول أن يطوّر في هذا الاشتغال من خلال إضافات متنوعة أبرزها ربط هذه الأعمال بشهادات من مثقّفين عاشوا تلك الفترة أو من خلال حوارات كان أجراها بشكل شخصي مع الشيخ إمام، وهو ما نجده في عمله الأخير الذي صدر مؤخراً عن "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، بعنوان "الشيخ إمام.. الإنسان والفنان".
يقترح الكتاب ترتيباً زمنياً لمجمل الأغاني التي وضع ألحانها الشيخ إمام، وكتب كلماتها الشعراء أحمد فؤاد نجم وتوفيق زيّاد وزين العابدين فؤاد وآدم فتحي، ويظلّ أبرزهم الشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم الذي كتب الأغلبية الساحقة من النصوص التي أداها صاحب "مصر يمة يا بهية".
يرسم عنبه ضمن هذا الكتاب تطوّر شخصية الشيخ إمام على المستويين الفنّي والإنساني، حيث يلاحظ متابع مسيرته اكتمال أدواته الفنية بمرور الزمن وتشبّعها بمنطق شرقي في التأليف الموسيقي دون إهدار جانب الراهنية أو القرب من روح العصر، وعلى مستوى آخر يضيء العمل البعد النضالي في شخصية الشيخ إمام، حيث واجه التهميش والتضييق والسجن، وكانت هذه مجموعة من التجارب التي زادت من صلابة شخصيته واحتكاكه بالحياة العامة، ما أتاح التعبير عنها بأحسن وجه.
يُذكَر أن هذا العمل ليس أول كتاب يصدره المؤلف حول الشيخ إمام، حيث سبق له أن أصدر كتباً أخرى مثل "حكياة الشيخ إمام"، و"الشيخ إمام ونجم.. عشاق بهية".