يصنّف البعض فن الكاريكاتير في درجة ثانية بين الفنون التشكيلية، بالرغم مما يتطلبه هو الآخر من الصنعة والتوقّد الذهني. قد يعود هذا التصنيف لارتباط الكاريكاتير بالحدث، ما يجعله غير قابل للانتقال الزمني، فهو وليد لحظته ورهينها.
هذا الطرح يرد عليه فنانو كاريكاتير حين يخصّصون أعمالاً لا ترتبط بأحداث، وإنما تعالج قضايا عامة، من السياسي إلى الفكري. وهي نزعة انتشرت في أميركا اللاتينية وشرق أوروبا، وبدأت تحضر أيضاً في البلاد العربية.
حول ثيمة "الحريات وحقوق الإنسان"، قدّم كل من رسامي الكاريكاتير التونسي توفيق عمران والجزائري عزدينوف معرضاً اختتم أمس، واحتضنه منذ 25 فبراير "المسرح الجهوي" في مدينة بجاية الجزائرية.
المعرض كان مناسبة لإبراز شكل آخر من أشكال عرض الكاريكاتير، حيث قدّم عمران كتابه "15 /15 تونس في صور" (2016)، وهو عمل ضمّ مجموعة أعمال كاريكاتيرية تتابع الحياة السياسية في تونس من 2011 (الثورة) إلى 2014 (الانتخابات الأخيرة).
من خلال الأعمال المعروضة، يمكن تحسّس بعدين يركّز عليهما الفنانان في تناول "الحريات وحقوق الإنسان"؛ الأول داخلي يتميّز بمحاولة كشف/ فضح تناقضات السلطة في الفضاء العام، بين خطاب مثالي (القوانين ووعود السياسيين) وواقع لا يشبهه، والثاني يُظهر نفس التناقضات لكن على مستوى عالمي، حيث يبيّن سياسات التعامل بمكيالين في أكثر من موضع في مسألة حقوق الإنسان.
المعرض كان أيضاً مناسبة للدعوة إلى إنشاء مهرجان للكاريكاتير المغاربي، كما جرت الإشارة إلى أن الفكرة أنجزت في 2012 في تونس ولكن سرعان ما انتهت التجربة، حيث أن الدورة الثانية من هذا المهرجان لم تقم إلى اليوم. وهي زاوية نظر توضّح جوانب أخرى من هشاشة فن الكاريكاتير في بلدان المغرب العربي.