لم تنتظر الحرب الأميركية على فيتنام، كي تقترب من نهايتها، أكثر من صورة تلك الفتاة الفيتنامية التي كانت تمشي عاريةً وتصرخ. التقط الصورة نيك أوت عام 1972، ويُروى أنّها كانت تصرخ قائلةً: "هذا ساخن.. هذا ساخن"، في إشارةٍ إلى النابالم الذي أحرق ظهرها.
لم ينتظر المصوّر الجنوب أفريقي، كيفين كارتر، أكثر من عام، حتى يضع حدّاً لحياته، بعد التقاطه صورة طفلٍ يحتضر أمام عُقابٍ يهمّ بالتهامه، في مجاعة السودان (1993).
قبل أن يُسمّم نفسه بغاز أوّل أكسيد الكربون، ترك كارتر رسالةً، جاء فيها: "تطاردني ذكريات حية من عمليات القتل والجثث.. لأطفال يتضورون جوعاً أو جرحى، من المجانين المولعين بإطلاق النار، أغلبهم من الشرطة، من الجلادين القتلة".
ذلك زمنٌ مضى. الآن، في زمن يتردّد فيه كليشيه "الصورة بألف كلمة"؛ زمن الفيديو والصور، نواجه يوميّاً مشاهد القتلى الأبرياء، من دون أن يتحرّك أحد. اليوم، انتشرت صورة طفل سوري قذف البحر جثته إلى أحد شواطئ تركيا، بعد أن غرق هو و12 مواطناً سوريّاً وهم في "طريقهم" إلى اليونان.
على بيانات الشجب والاستنكار والشتائم، أن تنتظر مثل هذه الصورة كي تصدر وتُدين كل هذه الجرائم؛ إلّا أنّ حرباً لم تنتهِ، وعالماً بأسره، يكتفي بمتابعتها بصمتٍ وإشارات عاجزة. يبدو أنّ الصورة تراجعت في قدرتها على التأثير، وأصبحت مجرّد جرعة إخبارية، توفّر على القارئ "عبء" أن يعرف.