شهور لم ينتبه، وبعدها لاحظ أنه صار يدخل الحمّام بلا حاجة أحياناً، فقط ليستأنس بالصوت.
هو يحبّ جميع أصوات الماء، لأنّ هذا الكائن الأرضي، هو الأشفّ بين كائنات الكوكب.يحبه ويفضّله حتى على الموسيقى الرفيعة. يدخل ويخرج، وتكون سطوره وصلت لمصدّ إسمنتي، في الهزيع الأخير، ويحتاج لنجدة، فيجدها أحياناً في ذلك الصوت.
وشيش ماء فجراً عند الجيران؟ يا لها من هبّة. ويعود إلى الشاشة، ويبحر من جديد في نداوة هذا الوقت السماوي.
واليوم انتبه: ترى من يسكن الشقة؟ رجل وامرأة؟ أم امرأة وحيدة كما هي العادة؟ على الأغلب الاحتمال الأخير. فهو أبداً لم يسمع صوت أطفال، لم يسمع أي صوت بشري بالمرّة. ولكنه يرجّح هذا لأنه يرغب في ذلك.
يرغب في ذلك؟ اللعنة! حتى المرء تفلت منه فيكذب على حاله ويزوّر. فلطالما تمنّى أن يكون الجيران عائلة بأطفال، وسعيدة.. سعيدة، حتى لو انحسر منسوب السعادة في المدينة.
وشيش ماء. ضجّة مكتومة. قطرات تتساقط في كأس. وعلى آخر السطر تنزل نقطة، وينام.