ينظّم "مركز درب اللبانة للثقافة والفنون والحرف وتنمية البيئة" ندوة بعنوان "عمارة من أجل الإنسان. مناقشة للأعمال الكاملة لـ حسن فتحي"، عند السادسة من مساء السبت، السادس من كانون الثاني/ يناير المقبل في القاهرة.
الندوة تأتي بمناسبة مرور 28 عاماً على رحيل المعماري المصري (1900-1989)، ويتحدث فيها المعماري عمرو رؤوف، حيث يطلق المركز مسابقة بين المعماريين تحمل اسم فتحي.
مؤسسة المركز المعمارية والأكاديمية عفاف بدران، تقول إن استعادة "اللبانة للثقافة والفنون" لتجربة حسن فتحي تأتي لعدّة أسباب، وتلفت في حديث إلى "العربي الجديد" أن المركز يقع بجانب بيت الراحل، وفي الحي الذي سكنه، مشيرة إلى أت "طاقته ما زالت تملأ المكان، وتدعو كلّ معماري إلى أن يحسّن في الحي الذي عاش فيه".
تضيف بدران "التقيت فتحي في بداية حياتي العملية، وتأثّرت به، وأرى أن كثيرين لا يعرفون أنه قيمة كبيرة كمنهج تصميمي، وليس كأسلوب، فهو مدرسة وليس طرازاً. وقد تعب كثيراً في مصر، لكن لم يشعر به أحد إلا بعد أن اهتم به الغرب وبمشاريعه وبمنهجه، بعد اعتراف الغرب به، للأسف انتبه المصريون إلى أهمية فتحي".
"لكلّ هذه الأسباب أرى ضرورة استعادة فتحي"، تشرح بدران، التي تقوم في المركز بمشاريع تنمية معمارية في منطقة "درب اللبانة".
المحاضر عمرو رؤوف قام بترجمة كتاب "عمارة من أجل الإنسان: الأعمال الكاملة لحسن فتحي" الذي كتبه الأميركي جيمس ستيل، وظل يحاول نشره لمدة أربعة أعوام ولم يجد ناشراً يقبل بذلك، بحجة أنه كتاب كبير ومليء بالصور وبتعبير أحد الناشرين "مكلف ويخسر". وحين يئس رؤوف من النشر الورقي، نشره بالمجان على الإنترنت ليستطيع أي مهتم تحميله.
المحاضرة تنقسم إلى جزءين، يوضح المعماري لـ "العربي الجديد"، في الأول؛ يتحدث عن الكتاب الذي يتضمّن معلومات لم يسبق وأن تم تداولها في المراجع العربية، وليست واردة في أي منها، بذلك فهو يتيح للقارئ العربي المهتم بالعمارة فرصة للاطلاع على حياة فتحي والعوامل التي أثرت في مشاريعه، كما يتضمّن الكتاب فهرساً فيه 122 مشروعاً لفتحي لا يعرف كثيرون عنها.
الجزء الثاني من المحاضرة، سيتناول فيه رؤوف تأثير حسن فتحي، حيث يطرح المحاضر سؤالاً، ماذا لو طبقنا طريقة ومنهج فتحي منذ سنوات في مصر، وكيف كانت ستكون أزمة الإسكان اليوم.
ولكن لماذا لم تطبق مشاريع فتحي؟ نسأل رؤوف الذي يقول لـ "العربي الجديد"، إن السبب هو مصالح المقاولين، ويشرح "قوام فكرة فتحي هو البناء من مواد طبيعية لتقليل كلفة العمارة، فافترح البناء من الطوب الرملي والطين والحجارة الجبلية، وهذا يعني خسارة المقاولين لمليارات الدولارات، وهؤلاء عملوا على تشويه أفكار فتحي والادعاء بأنها لا تصلح إلا للمناطق الصحراوية الشاسعة أو الريفية، وهذا غير صحيح فهي تصلح لكل مكان".
يتابع رؤوف "صحيح أن فتحي مات منذ 30 عاماً لكن المصالح لا تموت، وهؤلاء المقاولون ما زالوا يحاربون أفكار فتحي إلى اليوم".
يعرض المعماري والمحاضر خلال الندوة عدّة تسجيلات فيديو؛ من بينها برنامج تلفزيوني من التسعينيات، يتحدث عن بيت قامت المعمارية زينب الديب ببنائه وفقاً لمنهج فتحي، فكلّف فقط 8500 ألف جنيه، ولو بني بطريقة جماعية كان سيكلف كل بيت 4000 جنيه، مساحة البيت من 150-200 متر مربع وهي بيوت جميلة ويدخلها النور وصديقة للبيئة، وكانت الكاتبة سكينة فؤاد تتحدّث في البرنامج عن هذا البيت، وقد قام المعماري بتسجيل هذا البرنامج فيديو وسيعيد عرضه خلال المحاضرة، حيث أن سعر هذا البيت اليوم يعادل 50 ألف جنيه ويقع في منطقة القنطرة شرق سيناء.
يقول رؤوف "هذه البيوت أصبحت تؤخذ فكرتها اليوم وتقام كمشاريع قرى سياحية في شرم الشيخ والغردقة، فتحوّل كل الأمر من بناء قرى للفقراء، وحلّ كل قضية العشوائيات من جذورها، إلى بناء قرى للأغنياء"، وهؤلاء يدفعون تكلفة بناء البيت مقابل إقامة ليلة واحدة فيه.
من المعروف أن أبرز مشاريع فتحي القرية التي شيدها بين عامي 1946 و1952 لاستيعاب سكان القرنة القديمة التي أقيمت فوق منطقة مقابر أثرية في الأقصر، مما اضطر السلطات إلى نقل سكانها بعد شيوع سرقات المقابر والتعدي عليها.
استلهم المعماري المصري الطراز الإسلامي في قريته الجديدة، واعتمد في تشييدها على المواد التي وهبتها البيئة للإنسان، من طين وحجر، فاستطاع تسخير البيئة لخدمة البشر والهندسة المعمارية.
وأُدرجت القرية على قائمة التراث العالمي عام 1971 لكن بمرور السنين أدركتها يد الإهمال وبدأت بيوتها ومبانيها في التهالك مما استدعى تضافر الجهود للعمل على إحياء القرية وفكرة حسن فتحي.